إذا أردت تدمير أي أمة من أمم الأرض، فكل ما عليك هو أن تسطح تفكيرها، وتعزلها عن محيطها وعن أي تطور معرفي وتقني. بهذه الآلية يمكنك السيطرة على العقول، بل توظيفها لأفعال لا يمكن لأي عقل مكتمل المعرفة أن يصدق بوجود إنسان ينفذها، وهذا سيقودك نحو من يسمون بالانتحاريين، الذين يلتحقون بالتنظيمات الإرهابية والمتطرفة والتي تضيق الخناق على المجتمعات وتنشر الفوضى والكراهية والطائفية في أبشع صورها. أعتقد أن ما نراه في عالم اليوم، من مجتمعات إسلامية احترقت بنار التطرف والإرهاب، ما هي إلا نتيجة لتسامح غير مبرر مع جماعات إسلامية متطرفة عملت على نشر أفكار مشوهة تهدف إلى تسطيح عقول الناس، وتعلي من قيم قادتها وزعمائها على حساب المجموع الوطني العام وعلى حساب الوطن وهمومه وتطلعاته. وهذه النتيجة ماثلة أمامنا وما علينا إلا أخذ العظة والعبرة، فعندما سمح للعمل الاجتماعي والخيري لهذه الجماعات حولتها لثكنات إرهابية، ومأوى لنشر الفتن في المجتمعات وبين عموم الناس، فلم يكن العمل الخيري أو الإغاثي إلا ستاراً لعمل منظم يهدف لخلخلة المجتمع وهز ثوابته وقيمه، وتسريب أفكار سيئة غير حقيقية، تضعف من الروح المعنوية للناس، وتجعلهم في حيرة ثم يبدؤون بالتبشير بالبديل المزعوم، والذي شاهدنا نماذجه في أفغانستان وفي والعراق وسوريا، وما القاعدة وداعش وطالبان، إلا نماذج وأمثلة حية مرت بنا وشاهدنا كيف حكموا الناس، وكيف أرهبوا، وكيف سفكوا الدماء البريئة. مرة أخرى إن فعل التدمير لأي مجتمع تبدأ بتسطيح الفكر، ورفض القراءة العامة وحرب شعواء مع المعرفة والعلوم المختلفة، ولا يغيظ ويقتل هؤلاء الإرهابيين إلا المجتمعات المتعلمة القارئة المطلعة التي تملك الوعي والمعرفة، وهذا دور كل مثقف وكل متعلم في كل مهنة وعمل، علينا بنشر المعرفة وبث الوعي بين الناس.