المقالات

أوراق لشفيف القرى (٤)

وفي الشتاء البارد تتحول ليالي الباحة إلى دفء من الحكايات الشعبية ( الروايا) تلك الروايا ارتسخت في الذاكر كمكون معرفي لا يمكن الانفكاك منه انعكست على عمل كتاب السرد.
تعودنا مشاهدة المعلمين الذين جاءوا من فلسطين، مصر، السودان، الأردن إلا أن أبا ماهر لم يكن معلما أو حتى طبيبا، لكنه يحظى هو وأسرته بود كبير من الأهالي،
الوادي يتحول في الربيع إلى أغنية جبلية، نعتبر هذا الموسم أحد مواسم الشبع حيث يمكن ملء البطن بالدجر أو حبيبات الذرة وأحيانا شواء طائر، إنه موسم مليء بالمفاجآت …
يعبر الأهالي عن فرحهم برقصة العرضة التي ابتكرها الأهالي نتيجة ممارسة سكان الجبال حرفة الزراعة، بتفسير صديقنا الأستاذ محمد ربيع، الفنون الشعبية عطاء جمالي وثقافي يعبرون بممارستها عن اختلاجات الفرح؛ لذا تتزامن مع الأعياد والزيجات والصلح ولقاء القبائل وهكذا، والقصيدة الشعبية واحدة من مصادر المعرفة حيث يقف الشاعر كشجرة العرعر وسط المعراض ليلقي القصيدة وتكون القصيدة محملة بالحكمة والنصيحة والتوجيه وينشد بها المشاركون برقصة منظمة تنناغم مع إيقاع الزير، ويتبارى الشعراء بينهم بالوصول إلى معان لا يستوعب معانيها البعيدة إلا القليل، لذا درجت المقولة المعنى في بطن الشاعر، وتلخيصا لما سبق أقول بأن مصادر المعرفة لمحدثكم آنذاك سوق الأحد حيث يهبط إليه الكثير من الناس ومن قرى ومناطق مختلفة وهذا التجمع البشري كما يقول الجغرافيون تمازج اجتماعي وثقافي، أما الروافد الأخرى تتمثل في عادات الأهالي وتقاليدهم وممارساتهم المهنية وأبرزها حرفة الزراعة، التي توارثوها أبا عن جد ولا يختلف اثنان في كون العرضة مكون فكري وثقافي،
سنوات صعبة جدا أمضيناه في المرحلة الابتدائية حيث إن التعليم يقوم على الحفظ لا غير ومن يمتلك ذاكرة جيدة سوف يحظى بكثير من الاحترام أما أصحاب المهارات الأخرى فهم مغيبون تماما بل يطلق عليهم بلداء “مطيسين”، وسوف يحمل ما قدر له من الشننة والكراتين المخصصة للأوراق المهملة ؛ ليتجول بين الفصول الدراسية ولا يسلم أبدا من صفعات صغار التلاميذ زيادة في الاهانة والتعذيب هذا الإجراء القاسي كان سببا في هروب الكثير من التلاميذ إلى مواقع بعيدة إلى منابع النفط ونجح هؤلاء الهاربون في الأعمال التجارية.
جمعان الكرت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى