عقارب الساعة توقفت ,, الوقت يمر ببطء قاتل ,, متى يحين ذلك الوقت الذي سأرى فيه تلك القامة ؟؟!! حان الوقت ,, خرجت مسرعة متلهفة تتسارع خطاي لأصل بالموعد المحدد ,, فالناجحون دائماً ملتزمون بوقتهم ويعرفون قيمة الوقت ,, ولا أريد أن أظهر أمامه إلا بهذه الصورة التي رسمها لي منذ تسع سنوات مضت حين قال لي "ستكونين شخصاً ناجحاً مؤثراً وستتركين بصمة لا تنسى " . وصلت قبل الموعد وما زلت انتظر بشغف ,, بعد بريهات من الزمن !!! وصل ,, نعم رأيت تلك القامة التدريبية تقف أمامي ,, إنه عرابي في التدريب د . عادل بن عودة العوهلي ,, سلم وجلس وتلك الإبتسامة تعلو محياه ,, وقال " بعد غياب تسع سنوات ها أنا أرى تلك الناجحة التي توقعت لها الكثير وهي تعتلي منصات النجاح " . حينها طفقت أحدثه بما حدث تلك السنوات الكثيرة والأحداث التي مررت بها والسقطات التي جعلت مني إمرأة أقوى ,, والإحباطات التي كسرتني كثيراً لكن تغلبت عليها بفضل الله ثم كلماته التي لم تغب عن سمعي يوماً ,, ذَكْرْتُه حينما حضرت معه أول دورة تدريبة في الموارد البشرية في أواخر العام 2008 م وتنبأ لي حينها بالنجاح وكيف أصر على الحديث مع رؤسائي بالعمل الذين كانوا يحضرون معي نفس الدورة وقال " لديكم قوة وقدرة إنتاجية ومهارات لم تستطيعوا إستغلالها بالطريقة الصحيحة !! فأستثمروها جيداً " أنتهى اللقاء بكثير من الطاقة الإيجابية التي حاوطتني من كل إتجاه فعرابي لا يبخل عليَّ بها دائماً . لكل منا قدوة وعراب تتلمذ على يده في أمر معين ,, أو سار على خطاه مؤمناً بمهاراته وإمكانياته ,, هذا الشخص هو القائد الخفي الذي يحفزك للعمل فهو يملك ذكاءً وجدانياً في التعامل ,, فيتعامل معك بمرونة ,, يستطيع إدراك نفسه قبل أن يدركك ,, يتفهم مشاعرك ويقدرها ويتحكم في مشاعره ومشاعر اللآخرين يحفزك على التفاؤل دائماً يستمع إليك بعمق ,, يناقشك بعقلانية ,, يظهر الجوانب الإنسانية فيك ,, ويطلب مساعدتك في أمور كثيرة لتعزيز ثقتك بنفسك ,, وهذا ما وجدته في عرابي التدريبي . ولهذا من الضروري أن نختار بعناية من نريده أن يكون قدوة لنا ,, فثمة اختلاط كبير في الأذهان بين مفهوم القدوة بشكل عام، ومفهوم القدوة الحسنة بشكل خاص؛ لأضرب لكم مثالاً هنا ,, فالأبناء مثلاً يشِبُّون وقد وضعوا في أذهانهم أن الأبَ أو الأم هو القدوةُ التي يفترض أن تكون، وبالرغم من قصور الأبِ والأم أحيانًا نجد أن الأبناء لا يميزون ذلك، بل وتفرض عليهم طبيعة المجتمع أن يحتذوا بوالديهم أو أحدهما؛ لكي يحكم عليهم المجتمع بكونهم ابناءً بارين ، فإن لم يكن الأب أو الأم قدوة حسنة حقيقية فلا ضرورة لأن يُحْتَذيَ بهما ، وإلا نشأ الأبناء مهتدين بقدوةٍ ليست على الدرجة المطلوبة من الكفاءة والمثالية ,, ولكن أتمنى ألا يُفْهم كلامي بطريقة خاطئة فأنا لا أُنَادي بعقوق الوالدين أبداً بل بالعكس طاعتهما أمر واجب لكن تقليدها في العادات السيئة هو أمر غير جيد ولا محبذ . نجد أحياناً كثيرة من الشباب والشابات في مجتمعاتنا يتخذ أحد الفنانين أو المطربين قدوة له لمجرد صوته الجميل أو تمثيله ,, وهنا تقع الكارثة فيبدأ الشاب أو الفتاة بتقليد ذلك القدوة المزعوم بكل أفعاله دون تردد ودون أن يفكر هل ما يقوم به صحيح أو لا !!؟؟ إذن نحن بحاجة لنشر الثقافة والمعرفة للنشء الجديد، وتعريفهم بالرموز التاريخية والحاضرة في مجتمعنا بمختلف المجالات، من حقوقهم علينا مساعدتهم في فهم الشخصيات والحُكم عليها، لكن ليس لنا الحق في إجبارهم على الإختيار بل سنترك لهم مساحة كافية للحُكم بحرية ، فليس المطلوب أن نختار لهم من يقتدون بهم، وإنما تعليمهم كيف يختارون قدوتهم؟ وكيف يميزون بين القدوة الحسنة والسيئة؟ هكذا هو دورنا ,, التثقيف والتوجيه ,, والنصح والإرشاد ,, لنعزز فيهم القدوة الحسنة وصفات القيادة السليمة .