الحقيقة أني عندما تلقيت الملف الإلكتروني الخاص بملحق القصة القصيرة، في الرسائل الخاصة، تفاجأت جداً به كونه ملحقاً خاصاً للقصة وحدها بامتياز، لايشارك القصة أي جنس من أجناس الأدب كالعادة التي تجري في معظم الصحف المحلية والعربية، وهذا ما أبهج وأثلج الصدر بنحو لا يوصف. وأخيرًا تحقق حلم من أحلامنا التي تعنى بهواياتنا أو تخصصنا السردي ليس إلا، وأنه هيأ لنا المكان الخاص الرحب الذي سيتلقى وسيحتضن النصوص السردية دون مزاحمة نصوص أخرى له. وبنحو متتابع ـ إن شاء الله ـ دون انتظار يطول ويطول لنشر نص من النصوص القصصية، كما يحدث من أول يوم شرّعت الصحافة الورقية والإلكترونية أبوابها للنشر الثقافي فخصصت جزءً يسيراً صغيراً جداً من صفحة من مجموعة صفحات يرمى فيها النص الأدبي، لاسيما القصة، بل تزاحمها الإعلانات وغيرها من المواد الصحفية التي تراها الصحيفة أولى في النشر، فلا ترى القصة منشورة إلا في أوقات بعيدة، وكأنها هامش أو شيء متطفل على الصحافة التي كان من الواجب عليها احتوائها ورعايتها والاهتمام بها كجزء لا يتجزأ من المواد الفكريةالتي تقوِّم الحياة .
نعم تفاجأت بهذا، بل بأكثر من هذا، حيث رأيت في الملحق، مذ إشراقته الأولى، أرضاً خصبة، لم ينشر النص القصصي الذي اختير بعناية فائقة فحسْب، بل رأيت إلى جانبه المادة النقدية البناءة للقص، والرؤية والتنظير اللذان يبتغيها ويحلم بهما القاص لصقل هوايته السردية، واستعراض التاريخ و التجارب التي تحفز السارد على الفعل السردي رغم ما يواجهه من ظروف قاسية في مسيرته، والتعرف على المزيد من كتابها.. إلخ، من الموضوعات ذات المحتوى القيم الثري، التي نأمل أن تتزايد وتتنوع يوماً بعد يوم، في القص ذاته، بحيث تشمل النقاش والحوار والتوجيهات ومبادئ التعليم القصصي والمسابقات لها، وغيرها كالمحفزات المادية والمعنوية.. ولاشك إن تحقيق هذا الفعل الكبير ينبيء عن جهود جبارة وعقول ذكية مفكرة خبيرة عملت من خلف الكواليس، في وقت طويل مجهد، على اختيارها وانتقائها وكتابها بعناية ودقة فائقتين وإخراجها بهذا التنسيق والترتيب والتصميم الراقي الجذاب الذي حقيقة يناسب هذه التقنية الإلكترونية التي تتداول المادة برقي وبيسر، والمريح للنفس والبصر والخاطر.. من هنا أشكر أؤلئك القائمين وعلى رأسهم رئيس تحرير صحيفة مكة الأستاذ عبدالله الزهراني، على خلق وتفعيل هذه الفكرة وبلورتها في هذا العمل المبدع الذي أراه غير مسبوق ليس على مستوى الصحافة المحلية فحسب بل على مستوى الصحافة العربية ككل، وأبارك له ولجميع طاقمه المثابرين، بل وأبارك لنا نحن القاصين السعوديين الطموحين هذا العمل الاستثنائي، وآمل من الجميع استمرار دعمه ومساندته بكل ما يمكن أن يجعله موطن ومنهل الثراء الدائم لكل متلقٍ عاشق للسرد في هذا العالم العربي بل والعالم برمته الذي نطمح أن نصل إليه ونتجاوزه كي يمثل الواجهة الجميلة بل الجوهر العميق القيم لهذا الوطن الغالي حفظ الله قادته.
– كاتب قاص وروائي