من ضمن الإجراءات التي كانت تتخذها الدولة -أعزها الله- ممثلة في وزارة التعليم العالي، ربط المبتعث للدراسة في الخارج بوطنه وأخباره؛ فالملحقيات التعليمية في الخارج كانت تخصص لكل مبتعث صحيفة سعودية يومية، ومجلة أسبوعية، تاركةً الاختيار للطالب المبتعث نفسه. وربما تغيّر الحال في هذه الأيام بسبب انتهاء عصر الصحافة الورقية، ودخول عصر الصحافة الإلكترونية، والإعلام الرقمي.
ولما كنتُ مبتعثًا مكيًّا، فقد اخترت في تلك الفترة صحيفة الندوة التي تصدر من مكة المكرمة، ومجلة المجلة السعودية، لأني كنت أحرص على معرفة أخبار البلد الحرام، مكة المكرمة، وأهلها، وما يُقام فيها من فعاليات، مما تنشره صحيفة الندوة المكية. لذلك، قمت بتزويد الملحقية التعليمية في مدينة لندن بعنواني البريدي في مقاطعة ويلز البريطانية، وكان من ضمن العنوان الحي الذي أسكن فيه والذي يحمل اسم (كامب ديفيد).
ولما كانت عملية الصلح الشهيرة بين مصر وإسرائيل -بوساطة أمريكية- قد عُقدت في منتجع كامب ديفيد -منتجع رؤساء أمريكا- الذي يقع إلى الشمال الغربي من العاصمة الأمريكية واشنطن، ظنّ المسؤول عن التوزيع والإرسال في صحيفة الندوة بمكة أنني من سكان ذلك المنتجع الأمريكي الشهير، فأخذ يُرسل الصحيفة والمجلة إلى منتجع كامب ديفيد الأمريكي!
لذلك، كنتُ بخلاف جميع الزملاء المبتعثين السعوديين في جامعة ويلز البريطانية في تلك الفترة، حيث كانت الصحيفة تصل إلى عنواني متأخرة لعدة أسابيع، ولمدة عام كامل، حتى أدركت قبل عودتي للإجازة الصيفية في آخر العام مكمن الخطأ. فراجعت إدارة صحيفة الندوة بمكة المكرمة، وشرحت لهم ما حصل من خطأ في العنوان، أدى إلى وصول الصحيفة متأخرة عن موعدها بأسابيع. عندها ضجّوا من الضحك، وتأسفوا على الخطأ غير المقصود منهم، وضمنت بعد ذلك وصول الصحيفة والمجلة إلى عنواني في منطقة ويلز في غضون أيام قليلة.
البعثات للتزود المعرفي والمهني رافدا وطنيا وفي علم المبتعث بأحوال بلدة رعاية وطنية لتحقيق المواطنة في الخارج وراحة ضمير المبتعث حيال وطنه والتواصل مع مجتمعه وان غاب جسمه عنه ( فكرة وطنية حاذقة ).