المحليةالمقالات

الحب الأعرج

بان الحرب الأمريكية في فيتنام ، رن جرس الهاتف في منزل أحد أحياء كاليفورنيا الهادئة .. كان المنزل لزوجين عجوزين لهما ابن واحد مجند في الجيش الأمريكي ، كان القلق يغمرهما على ابنهما الوحيد ، يصليان لأجله باستمرار ، وما إن رن جرس الهاتف حتى تسابق الزوجان لتلقى المكالمة في شوق وقلق .

* * * * * * * * * * * * * * *
الأب: هالو… من المتحدث ؟
الطرف الثاني: أبي ، أنا كلارك ، كيف حالك يا والدي العزيز؟
الأب: كيف حالك يا بني ، متى ستعود؟
الأم : هل أنت بخير؟
كلارك: نعم أنا بخير، كيف حالكما , لقد عدت منذ يومين فقط .
الأب: حقا ، ومتى ستعود للبيت ؟ أنا وأمك نشتاق إليك كثيرا.
كلارك : لا أستطيع الآن يا أبي، فإن معي صديق فقد ذراعيه وقدمه اليمنى في الحرب وبالكاد يتحرك ويتكلم ، هل أستطيع أن أحضره معي يا أبي ؟
الأب: ماذا .. تحضره معك !؟
كلارك : نعم ، أنا لا أستطيع أن أتركه ، وهو يخشى أن يرجع لأهله بهذه الصورة ، ولا يقدر على مواجهتهم ، إنه يتساءل : هل يا ترى سيقبلونه …..على هذا الحال ….. أم سيكون عبئا , وعالة عليهم ؟

* * * * * * * * * * * * * * *
الأب: يا بني ، مالك وماله اتركه لحاله ، دع الأمر للمستشفى ليتولاه ، ولكن أن تحضره معك ، فهذا مستحيل ، من سيخدمه ? أنت تقول إنه فقد ذراعيه وقدمه اليمنى ، سيكون عاله علينا ، من سيستطيع أن يعيش معه ? … كلارك… هل مازلت تسمعني يا بني ? .. لماذا لا ترد ؟
كلارك : أنا أسمعك يا أبي هل هذا هو قرارك ……. الأخير؟
الأب: نعم يا بني ، اتصل بأحد من عائلته ليأتي ويتسلمه ودع الأمر لهم ؟ .
كلارك : ولكن هل تظن يا أبي أن عائلته سيقبلونه عندهم ؟
الأب: لا …أظن يا ولدي ، لا أحد يقدر أن يتحمل ….. مثل هذا العبء !
كلارك : وداعا .. يا أبي .

* * * * * * * * * * * * * * * وبعد يومين من المحادثة ، انتشلت القوات البحرية جثة المجند كلارك من مياه خليج كاليفورنيا , بعد أن استطاع الهرب من مستشفى القوات الأمريكية , وانتحر من فوق إحدى الجسور !.
دُعي الأب لاستلام جثة ولده … وكم كانت دهشته عندما وجد جثة الابن بلا ذراعين ولا قدم يمنى !!!!! .. فأخبره الطبيب أنه فقد ذراعيه وقدمه في الحرب ! .. عندها فقط فهم ! ..
إذن .. لم يكن هناك صديق لـ ( كلارك ) .
كان هناك فقط ( كلارك) نفسه .. الذي أراد أن يعرف موقف أبويه ….. من إعاقته , قبل أن يسافر إليهم , ويريهم نفسه !!.

* * * * * * * * * * * * * * *
إن الأب في هذه القصة يشبه الكثيرين منا ، ربما من السهل علينا أن نحب مجموعة من حولنا دون غيرهم لأنهم ظرفاء , أو لأن شكلهم جميل ، ولكننا لا نستطيع أن نحب أبدا “غير الكاملين” .. سواء أكان عدم الكمال في الشكل , أو في الطبع , أو في التصرفات ؟.

* * * * * * * * * * * * * * *
[COLOR=purple]ليتنا نقبل كل واحد على نقصه ؟ .
متذكرين دائما إننا نحن أيضا لنا نقصنا ، وإنه لا أحد كاملا , مهما بدأ عكس ذلك !! .[/COLOR]

* * * * * * * * * * * * * * *
وبعد …
أثناء قراءة كل واحد منا لهذه القصة , ولو كنت أنت أو أنا مكان والد ( كلارك ) .. كيف سيكون تصرفنا ؟ .

بخيت طالع الزهراني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بعد قراءة القصة ………………..بدات اعيد حساباتي ………………………في تعاملي …………………………………..مع اولادي …………………….على الاقل

  2. قصة جميلة ومعبرة جداً.. وهي تدعو لا إلى الشفقة والعطف بل إلى تغيير المفاهيم لدينا.. علينا أن نكون أكثر حبا وأكثر عاطفة من أن نوجهها فقط لمن لديهم الكمال والكمال لله وحده..

    الحب الحقيقي لا يعرف الفروقات عادة بين جميع المتناقضات.. الحب حب وكفى
    لنفترض ان شخصا ما أحب فتاة وبادلته الحب الحقيقي دون أن يراها، وهب أنها ظهرت سوداء اللون أو غير جميلة هل يتخلى عن حبه لأن لونها كذا أو لأن شعرها ليس طويلا
    هناك مبادئ وأخلاقيات لايتحملها البعض وهناك أشخاص مستعدين للتضحية بكل شيء، لأجل من يحبون وليس لأشكالهم أو لون بشرتهم

    تحياتي أخي بخيت على مقالك القصير جدا والرائع جدا
    جعفر

  3. قصة رائعة كاتبنا الرائع بخيت طالع
    بالفعل اتمنى ان نتقبل الناس كما هم
    وان نتذكر دائماً اننا معرضون لمثل هذه المواقف
    دمت مبدعاً عزيزي

  4. قصة رائعة
    اندمجت معها ومع أحداثها لحدّ بعيد
    لو مكان الوالد نحنُ قد نرفض استضافة هذا البعيد لعدم توفر الخدمة الصحية الكافية له بالمنزل وهذا ليس بعيب او عدم تقبل نقائص الغير
    بل من قبيل وضع الأمور في نصابها الصحيح وترك الرعاية الصحية لأهلها
    ولكن بالطبع كانت ردودنا على السؤال الثاني
    خااصة كمسلمين وعرب ويجمعنا دفء المشاعر الأسرية
    أن الاسرة والعائلة ستقبل ابنها على اى وضع كان حتى لو كان يلفظ انفاسه الأخيرة
    وحتى ان ظلّت في خدمته 24 ساعة
    فوالله اني لأعلم الكثير من الأسر تتحمل اطفالها ذوي الاعاقات الذهنية طوال سنوات عمره رغم عبئه الجسدي والنفسي والرقابي الغير طبيعي
    وترفض تسليمه الى اى دار رعاية خاصة وزيارته بين الحين والآخر كما يفعل البعض

    كاتبنا الراائع
    بانتظار المزيد منك
    فنحن دووما في شوق لهكذا ابدااع
    اطيب تحية

  5. قصة رائعة من كاتب مبدع أخي الاستاذ / بخيت بن طالع

    نتمنى أن يدوم الحب فيما بيننا مع القريب والبعيد

    ننتظر المزيد والجديد وفقك الله أبو طالع والى الأمام دوما ,,,

    ,,, أخوكم / حجب العصيمي

  6. هايل ياصديقي العزيز . اليوم اول مرة اسمع بهذا الموقع ، واحييك على هذه المقالة . دعائي لك بالتوفيق .. فانا اعرفك كاتبا منذ مدة ، بس للامانة .. المقال اليوم ده .. هايل .. مع التحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى