ان مناسبة الشخص لوظيفة معينة تنطبق على كل المستويات فهي ليست بالأمر السهل , وعملية إختيار الأشخاص المناسبين فى المواقع المناسبة عملية تحتاج الى قدر كبير من الدراية والمعرفة من أجل تحقيق الهدف واستثمار مواهبهم الوظيفيه بالشكل الذي ينعكس على نجاح أعمال الاداره .
فمن المؤكد إن كل إدارة لم توجد إلا من أجل تقديم خدمة معينة ، فإن كان اختيار العاملين في تلك الادارة أو المنشأة يعتمد على الأهواء والمحسوبيات فإنها حتما لن تؤدي الدور الذي وجدت من أجله وستتفكك وتنهار إذا ما استمرت على هذا الحال , فإختيار الأشخاص الأكفاء هو العنصر الأهم فى إستمرارية كيان المنشأة وإستمرارية ما تقدمه من خدمات .
وقد حث الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وذلك مراعاة لظروف العمل ومتطلباته وقدرات الفرد وإمكانياته , (( فعن أبي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إذا ضيعت الأمانة فأنتظر الساعة , قال : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ قال : اذا اسند الأمر الى غير أهله فأنتظر الساعة )) .
وقد أمتلك المسلمون زمام الأمور لفترات طويلة من الزمن ولكن حين ابتعد الناس عن هديه (صلى الله عليه وسلم) سارت الأمور إلى غير ذلك .
وللأسف الشديد فقد جهلت – أو تجاهلت – الكثير من الإدارات في وقتنا الحاضر أسس ومعايير إختيار الكفاءات والكوادر ، وأغفلت دورها في ذلك ، وأصبح التعيين والتوظيف فيها مبنيا على الوسطات والمحسوبيات ، مما أدى إلى ضعف أداء الخدمات , بل وحتى التنقلات التي تجريها بعض الإدارات من وقت لأخر ،
لم تكن إلا لتحقيق مآرب خاصة فقط , فنجد بعض الإدارات تقوم بإجراءات نقل المدراء ، بحيث يتم إبدال أماكنهم فقط , فيتم وضع المدير الفلاني مديرا لإدارة أخرى ومدير الإداره الأخرى مديرا لإدارة ثالثه . وهكذا متجاهلين بذلك الصف الثاني أو الجيل الثاني ، الذي يجب ان يأخذ الفرصة ، والذي قد يكون لديه من الحماس والمعرفة والفكر ما يستطيع به أن يطور الإدارة , ولكن تغييب هذا الجيل قضى على طموحاته .
فإذا تم تنحية أصحاب الكفاءات وتجاهلهم واستولى على الكرسي أصحاب النفوذ والوساطات فان ذلك نذير بالفوضى والانهيار .
بل والأدهى من ذلك نجد فى كثير من الأحيان إسناد أكثر من إدارة لشخص واحد فتجده مديرا لإدارتين أو ثلاث فى آن واحد ورئيسا لعدة لجان ، وكأنه الرجل الخارق المتفرد فى زمانه , مع العلم بأن الإدارة نفسها تمتلك العديد من الكفاءات والكوادر المميزة ولكنها تظل مغيبة ومهمشة فقط لأنها لا تمتلك الوساطة الكافية !!
فعملية النقل الى تجريبها الإدارات من حين لأخر هي ظاهرة صحية وجيده ولكنها يجب أن تنبني على أسس علمية حتى تؤدي دورها بالشكل المطلوب فى تطوير الادارة , فهي تهدف بالدرجة الأولى إلى المصلحة العامة وتحقيق المرونة فى إسناد الوظائف والإستفادة من العاملين بشكل أفضل من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وفقا لمؤهلاته ومهاراته وليس لوساطته ووجاهته ، وبالتالي رفع الكفاءة الإنتاجية للمنشأة , كما أن هذه التنقلات تساعد على شغل الوظائف بالعاملين الحاليين الذين تعرفهم الاداره حق المعرفة ، وتهدف إلى إكسابهم خبرات جديدة وجعلهم أكثر تفهما لطبيعة أعمال الإدارات المختلفة بالمنشأة .