هو ذلك السفيه العابث؛ الذي يلاحق محارم الناس، ويتعدى على أعرضهم، وينتهك خصوصياتهم؛ يجنح بهذا من خلال الهواتف الذكية ، وفي مواقع الشبكة العنكبوتية، ومن منافذ القنوات الفضائية.
صاحب القلب المريض، والتفكير الوضيع؛ الذي تراه واقفاً أمام الأسواق، أو متجولاً في داخلها؛ يلاحق بنظراته وحركاته الداخلات والخارجات، خاصة المتهاونات منهن؛ في المظهر المحافظ ، واللباس الساتر.
هذا الذي تجده مسرفاً في هندامه، ناعماً في كلامه ، ومتمايلاً في مشيته، يظهر انشغاله بمضغ العلكة، والعبث بالمسبحة، أو بأزرار الجوال، بينما هدفه واهتمامه هو اصطياد الوضيعة، وجرّ المتردية الدنيئة؛ التي تسلك مسلكه، وتتفق مع رجاه ومطلبه.
هذا الذي يسعى للبحث عن ضحية محرومة من العاطفة، أو تلك التي تخدعها الوسامة، أو توقعها العذوبة؛ يصطادها بآهات وتأوهات، أشعار ونكات، مال وجوال وبطاقات اتصال، وأحلام وأوهام ، ومعيشة فوق السحاب.
وهو المخادع المحتال؛ الذي يظهر سمات الطيبة والوداعة، ويحتال بفكرة الزواج والعفة، والستر والسلامة، ثم يتصنع دور العاشق الولهان؛ هائم النفس، ملتاع الفؤاد، لا ينام الليل، ولا النهار، وغير هذا من خلطة الخداع ، وصناعة الضياع، وماذاك إلا ليشبع مناه ، ويحصل منها على مبتغاه، وإن تعرض في سبيل ذلك للذل والهوان، والصد والتحقير.
فإن قبضت مخالبه على الفريسة؛ قام إليها وأغرز الأنياب، وظفر منها بالمراد، ثم يلفظها ويقطع الوصال؛ يرميها كالعلكة، ويحذفها من الذاكرة، ولن يهتز فيه شعرة، ولن يفقد قيمة ولا سمعة، وسيواصل بعدها البحث عن ضحية تلو ضحية.
إن هذا الذئب المغفل؛ توقعه حبائل البنت اللعوب، اللابسة المحزق والملزق والممزق، الخاضعة بالقول الناعم ، والكلام المعسول، والتي تقوده من رقبته، وتسلب منه دينه، ومافي جيبه، وماتبقى من عقله، فمثل هذه ليس لها عندنا عقاب ، وهي التي تحتاج كذلك؛ إلى ردع وقرع، ومنع وقمع؟!
إن المرأة إذا حصنت نفسها باللباس الشرعي، وابتعدت عن الاختلاط وحبائل الشيطان ورسائله وأدواته ووسائله، فإنها سوف تحمي غيرها من الفتنة، وتسلم من الأذية، إذ من المستحيل؛ أن يأتي الشاب لمحتشمة يعاكسها، فالسمكة التي تبقي فمها مغلقاً لايصطادها أحد.
وعلى من يتجرأ على ملاحقة النساء؛ أن يقوم بزيارة دور الأيتام؛ ليشاهد بنفسه مآسي اللقطاء، وضحايا الفعل الحرام، أو يطلع على إحصائيات وزارة الداخلية وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ ليعلم حجم قضايا السجناء؛ والكارثة الأخلاقية التي نعيشها اليوم.
يذكر أن مجلس الشورى؛ لازال يدرس صياغة قانون يضبط التحرش، والذي تكاثر وتعاظم؛ خصوصاً بعد السماح للعزاب بدخول المجمعات التجارية، مما دفع إحدى سيدات الأعمال؛ إلى حث كل فتاة تتعرض للتحرش؛ بأن تقوم بتصوير الحالة، وتعمل على نشرها للتشهير بصاحبها، وحجتها في ذلك هو عدم وجود قانون يحميهن من المعاكسات؟!
وأما قانون رب الأرض والسماء ، فهو معلوم لدينا ، ومعروف عندنا:
(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون).
ومن الأحكام اللطيفة في هذه الظاهرة؛ قيام المحكمة الجزئية في الرياض بإصدار حكم على شابَّيْن من مرتكبي المعاكسات ، حيث قضي بقيامهما على العمل لمدة سبعة أيام في مغسلة للأموات، ولعل في هذا هداية وموعظة ، وصلاح وعبرة.