بينما كان اكثر من مائة حاج يسيرون في طريقهم للحج من مصروهم يمنون انفسهم برؤية الكعبة المشرفة والشرب ماء زمزم , اذ اعترضهم مجموعة من الاعراب من قطاع الطرق , حيث قاموا بسلب الحجاج اموالهم ,ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بقتل عدد كبير منهم, ولم يصل لمكة الا عدد قليل منهم وهم يئنون من الالم والحزن على فقد من قتل منهم, هذه صورة متكررة لقوافل الحجيج قبل العهد السعودي, ولا يختلف الوضع الامني للحجاج بل للجميع في داخل مكة, فقد يقتل الحاج وتسلب امواله وهو بجوار البيت,وهذا من الناحية الامنية ,اما من الناحية العقدية والشرعية فحدث ولا حرج,فقد كان في مكة اكثر من عشرة اعياد دينية في السنة , فهذا عيد السيدة آمنه, عيد السيدة خديجة, المولد النبوي, عيد مولد علي, مولد السيدة فاطمه , الاحتفال بأخر اربعاء من صفر, ليلة النصف من شعبان وهكذا, كما ظهر في المسجد الحرام تعدد الائمة للصلاة الواحدة,وانتشار القبب التي عيها السرج في مقبرة المعلاة.
ومن الناحية السياسية وهيبة الدولة قبل العهد السعودي فلم يكن هناك هيبة ولا سيطرة للدولة في ذلك الوقت ,ومن مظاهر الفوضى الدينية ان الناس وقفوا بعرفة يومي السبت والاحد في احد الاعوام لاختلاف الفتوى للحجاج العراقيين واالشيخ الطبري مفتي الحجاز,كما كانت الدولة في ذلك الوقت تأخذ مكوس واموال من الحجاج مما يزيد من معاناتهم.
ولم يكن الحال بأفضل في باقي انحاء الجزيرة العربية, حيث كان الوضع عبارة عن إمارات متناثرة ,تمثل دول وداخل كل دولة دويلات تمثل القبائل, وكان هما الرئيسي الغزو على القبائل القريبة منها , كما انتشرت البدع والخرافات التي يصل بعضه للشرط في كثير من الاماكن من جزيرة العرب.
ويتفضل المولى على هذه البلاد ان قيض لها قائد مؤمن شجاع هو الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله مؤسس هذا الكيان.
الذي اعاد للحرمين هيبتها ,فوحد الإمامة بالحرم وقضى على الفوضى الدينية وتعدد ايام الوقوف بعرفة, وازال البدع والخرافات من المقابر, كما شدد على تطبيق شرع الله تعالى في كل مناحي الحياة, حيث عم الامن ربوع الجزيرة خلال اقل من خمس سنوات من دخوله لمكة المكرمة, وشعر الحجاج لاول مرة بالامن خلال طريقهم للحج ,ويصف الكاتب والاديب / عباس محمود العقاد الحالة الامنية والسياسية للمملكة في عهد الملك عبدالعزيز بقوله(ان الملك عبد العزيز نجح في بسط الامن في جزيرة العرب وحقق ماعجز عنه الملوك والامراء منذ الف عام ).
وفي المجال التشريعي والنظامي لجأت معظم الدول العربية والاسلامية ان لم يكن جميعها بعد استقلالها لأنظمة وضعية معظمها مأخوذة من الدستور البريطاني او الفرنسي, وشرعت هذه الدساتير مايريده المشرعون حتى لو كان مخالفآ لصريح القرآن والسنة النبوية المطهرة, اما الملك عبد العزيز فلم يحيد عن المنهج الرباني , فالدستور هو كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فالخالق الواحد الاحد هو الاعلم بما ينفع الناس وما يضرهم (أأنتم اعلم ام الله)
وقد سار أبناء الملك المؤسس سعود, فيصل, خالد , فهد رحمهم الله جميعآ , حتى عهد خادم الحرمين الملك عبدالله ايده الله على هذا النهج ولم يحيدوا عنه,وهذا هو سر تميز هذالبلاد عن غيرها من بلدان العالم, وهذه سر الامن والرخاء الذي تعيشه ويعشه كل ساكنيها من مواطنين ومقيمين, بينما يتخطف الناس من حولنا.
وبعد..بلاد تحقق الهدف من خلق الناس وهو عبادة الله تعالى وحده, وتخلو مدنها وقراها من أي من مظاهر الشرك الصريح, وينعم فيها ليس مواطنيها فحسب بل اكثر من ثمانية ملايين حاج ومعتمر للحرمين الشريفين كل عام بالامن والرخاء والطمأنينة, وحققت المعادلة التي يعتبرها البعض شبه مستحيلة, وهي الأخذ بجميع مظاهر الرقي والتطور والتقدم مع الاحتفاظ بثوابت الدين الحنيف كم جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
الا يحق لنا ان نحبها ونستميت في الدفاع عنها, واذا كان حب الاوطان هو ترسيخ للمواطنة ,فأن حب المملكة العربية السعودية من الايمان.
ولمزيد من المعلومات حول حال المملكة والحرمين الشريفين قبل وبعد العهد السعودي , وقصص معاناة الحجيج يمكن الرجوع لكتابنا (احبك يالسعودية ).