واستمر الحال هكذا حتى ضعف الدين في النفوس وتغيرت المبادئ والمفاهيم , وتعلق الناس بالشيء الملموس المحسوس , فظنوا أن كل ملموس ومحسوس يمكنهم إدراكه على وجه الحقيقة ثم الحكم عليه خيرا وشرا , خطأ وصوابا , ولكنهم لم يدركوا أنه ليس كل محسوس وملموس يمكن أن تدركه عقولهم على وجه الكمال والحقيقة فالعقل مهما بلغت مرتبته ومنزلته يبقى قاصرا عاجزا أمام هذا الفضاء الواسع والخلق المتجدد وكما قال الله تعالى [وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ] الإسراء 85 , ولو رجع الناس إلى عقولهم قليلا وتدبروا خلق أنفسهم تدبرا يسيرا لعلموا أن أرواحهم وأجسادهم هي أقرب ملموس ومحسوس لديهم ومع ذلك فهم يجهلون حقيقتهما جهلا كبيرا, وكذلك العرب لو رجعوا إلى عقولهم وتأملوا ماضيهم تأملا دقيقا لعلموا أنهم كانوا متفرقين لا قيمة لهم حتى جاء الإسلام فوحدهم وجعل لهم قدرا, وجعلهم أمة لها مضمونها وهي رسالة الإسلام السامية , فإذا تخلوا عن دينهم رجعوا كما كانوا متفرقين متناحرين لا قيمة لهم ولا كرامة وكما قال عمر الفاروق رضي الله عنه ((نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)) كما هو حالنا اليوم ,فإلى متى يبقى العرب يحملون هوية فارغة , هوية لا فحوى لها ولا قيمة إلا الخلاف والاختلاف, فلا نريد هوية بلا مضمون وإنما هويتنا يجب أن يكون مضمونها رسالة الإسلام الخالدة .[/JUSTIFY]
[RIGHT][COLOR=#FF0017]العرب هوية بلا مضمون ؟[/COLOR]
عقيل حامد[/RIGHT]
[JUSTIFY]من المعلوم أن العرب كانوا قبائل متفرقة لا قيمة لهم , تسودهم الغزوات والثارات , ويعتاش بعضهم على بعض من الغنائم التي يغتنموها من القبيلة التي تقع تحت قوتهم وبطشهم , ولم يكن لهم هوية تجمعهم أو هدف يوحدهم , حتى جاء الإسلام فجمع العرب وغيرهم على مبادئ ثابتة وأسس راسخة , فساد المسلمون وعلى رأسهم العرب العالم بأسره قرابة ربع قرن , وسميت تلك الفترة بالعصر الذهبي من حياة العرب والمسلمين , وكانت بحق نقله نوعيه وفترة ذهبية من حياة العرب , وأصبح للعرب أهمية عندما قامت لهم هوية , فاسقط العرب أعظم واكبر إمبراطوريتان آنذاك هما الروم والفرس , وسادوا العالم كله من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه , وفاضت عندهم الأموال حتى أنهم لم يجدوا من يقبله لكثرته ووفرته .