و برغم ذلك الارتباط الإنساني بالحياة و الافتتان بها ، نجد أن أناساً على النقيض يحرمون أنفسهم من جزء من نعيم هذه الحياة و بما من الله عليهم ..و منهم من يفعل ذلك بمحض إرادته متأثراً بهواجس اجتماعية أو نداءات داخلية أو يأس من شيء ما.
يدخل في ذلك جانب التطيّر و التشاؤم، و الإفراط في الخوف من العين و الحسد..
و أتمنى- للأسف – أن أكون ظلمتهم حين أقول: إن ذلك يوحي إلي ضعف إيمان و قلة في التوكل على الله…
ذلك لأن المؤمن الحقيقي المتوكل على الله لا يبالغ و لا يعظم زيغ الظن فوق سطوع الحق، و لا يؤمن إلا بنفع الله و ضرره و لا يُحرّم على نفسه إلا ما حرمه الله من متع الحياة و زينتها، و لا يقيد نفسه إلا بتلك القيود الشرعية.
و إلى جانب هذه الشريحة الواهمة هناك شريحة أخرى أكثر قتامة أصابها الجهل.. تقبل الانحرافات و تأمن للحيود عن الطريق. و هذا يُعد من أعظم مخاطر الجهل.
فنجد منهم من يذهب للدجالين و للأولياء بغرض الاستشفاء، و التبرّك. و في هذا الجهل العظيم خطر يمس العقيدة لدى الشخص أيضاً.
بجانب هذا الجانب هناك خط آخر يائس تعطل عنده العقل و انقطعت عن عينه مسارب النور الحقيقية، فراح يطرق أبواباً معتمة خلفها الوهم كـ الذي يفتش عن إبرة في كومة قش..
ربما اليأس و المكابرة و افتقار القناعة مع انعدام الناصحين المؤثرين .. جعلهم يتوقون لأي بصيص.. لا يميزون هل هو سراب أم وهم أم شهاب إغراء مخادع لا يناسبهم.
فـ يبالغون في الأشياء تلك .. و بدلاً من المضي في الطريق الموثوق إذا بهم يقطعونه.. لأنه لا يجيد الكذب أو النفاق أو يهبهم مخدر الطمأنينة المؤقتة.. من ذلك مدعي العلاج بـ الأثر و ما هم إلا جامعي أموال يستخدمون الأسماء البراقة المؤثرة في قلوب الناس كـ أكبر جاذب لهم ..
و في نفس الوقت هذه الأنواع من العلاجات لها مصادرها الأكيدة و النافعة.. و لكنها عند أمانتها لا تقنع هؤلاء الناس.. ببساطة.. لأنهم يريدون المبالغة و لا تقنعهم الحقائق.
و لي بحكم مهنتي و احتكاكي بالناس تجارب في الجانب مع أناس مررت بهم أو مروا بي 🙂 ..
فـ من تلك الحالات:
شخص تعاني زوجته من مرض وراثي في الدم ( الثلاسيميا Thalassemia ) و يكون الجسم غير قادر على إنتاج المادة الحمراء في الدم و التي بدورها تحمل الأوكسجين إلى أعضاء الجسم، و غياب هذه المادة أو نقصها يشعر الإنسان بالتعب لأقل مجهود يبذلك..
و للأسف ..هذا المرض لا علاج له إلا بزرع نخاع عظام أو بنقل دم كل شهر .
ذهب هذا الشخص مع زوجته للأطباء .. أفتوه أن الحالة تحتاج إلى الصبر و أمامك فقط هذين الاحتمالين( نقل الدم شهريا أو زرع النخاع ).
مع نصح الناصحين ذهب لشيخ من المشايخ على افتراض أن زوجته مسحورة، و كان الشيخ متعلماً و أميناً.. فقال له بعد القراءة عليها: ” ليس لك علاج عندي ، اذهب للأطباء ”
لم يسكت أصداقاؤه.. فدلوه على شيخ آخر يقبل أي مريض :(، فلما ذهب قال اله الشيخ المدعي: ” إن سبب حالة زوجتك وجود جن يشرب دمها ”
أيعقل؟؟
على غرار هذه الحالة هناك حالات كثيرة يئس أصحابها، و مع الجهل اتجهوا إلى الوجهات الغير صحيحة و استنذف الأموال و الجهد و ربما مزيد من الاعتلال و سوء الحالة..
علاج ذلك برأيي سيكون بمزيد من الثقافة و تسليط الإعلام على هذه القضايا و استضافة ضحايا هذه الأوهام.. إلى جانب المراقبة و منع أي فرص لـنشر تلك الدعاوي الباطلة في الداخل أو استقبالها من الخارج!
طبتم و دمتم[/JUSTIFY]