ويُصدم المرء حين يجد جامعات عربية لم تجدد موقعها على الشبكة منذ ست أو خمس سنوات؛ وهي التي يفترض أن تكون رائدة في مجال نشر التقانة الهادفة في المجتمع! ولكن فاقد الشيء لا يعطيه!
وتلج إلى المدونات فتجد كاتباً واحداً ـ على سبيل المثال ـ ينشر سبعين مقالاً أو يزيد، فلا يتلقى سوى ردود لا تتجاوز عشرين رداً، مع أن إحصاءات المدونة تشير إلى أن العدد الذي اطلع عليها يتجاوز العشرة آلاف شخص! وليت الردود التي كُتبت ذات قيمة موضوعية، بل الغالب الأعم لا يعدو أن يكون من قبيل المجاملات والنقد المعمم السطحي الذي لا يلج إلى لب الموضع، ولا يقدم ملاحظة بناءة تفيد الكاتب!
وتدخل مقهى للإنترنت فتجد أغلب الموجودين يضيعون أوقاتهم في مواقع الأغاني والأفلام الماجنة والحوارات الجوفاء التي لا تغني ولا تفيد
هذا يدفعنا للتساؤل: هل هي أزمة تعاطي مع الإنترنت ناتجة عن قلة الإمكانيات أم أُمية تقنية، أم أزمة قراءة، أم أزمة انشغال جعلت الكثيرين يمرون على صفحات الإنترنت على عجل
الحقيقة أنها أزمة تشكلها ـ في رأيي ـ كل العوامل سالفة الذكر، وهي عوامل متداخلة يعضد بعضها بعضاً؛ فأزمة التعاطي مع الإنترنت واقع؛ بدليل أن الكثيرين لا يتصفحونه لعدة أشهر، وربما أكثرهم لم يستفد من الخدمات التي يقدمها مثل البريد الإلكتروني، والاتصال عبر الماسنجر، وتحميل المواد المصورة والمقروءة والمسموعة؛ ربما لانشغالهم باللهاث وراء لقمة العيش عن تصفح الإنترنت والقراءة التي قد تستغرق وقتاً طويلاً، أو لأنهم يرون أنهم ليسوا بحاجة إليه.
والأمية التقنية واقع لا يمكن إنكاره؛ بدليل أن الكثيرين ـ بالرغم من حصولهم على قدر من التعليم ـ إلا أنهم لم يستطيعوا أن يتصالحوا مع تقنية الإنترنت، ربما لحواجز نفسية تجعلهم يتهيبونه ويرون أنه مضيعة للوقت فيما لا طائل فيه، أو ربما لإمكانياتهم المادية التي تحول دون تعلم الإنترنت واستخدامه فيما بعد بشكل منتظم.
إنها فجوة وأزمة معرفية حقيقية في التعاطي مع الإنترنت، هذه الشبكة التي لو أحسنّا استخدامها لأتت بخير عميم.. وهنا تزداد الحاجة الماسة لدور المسؤولين في نشر التقانة وتخفيض أسعارها لتكون متاحة للجميع، كما يعظم دور المربين في تعليم الأجيال التعاطي الإيجابي مع الإنترنت.[/JUSTIFY]