المحليةالمقالات

فضيحة جدة

** الكارثة – وقد وقعت … ولكن الجرح مازال مفتوحا , وسيظل كذلك لفترة طويلة , لان ما حدث أعظم من أن يتخيله أي مخلوق , مهما أوتي من سعة الخيال .

** الكارثة .. كبيرة , وكبيرة للغاية , هي بحجم كل الذين ماتوا غرقا .. هي بحجم كل الذين مازال مصيرهم مجهولا تحت ركام المأساة , هي بحجم غصة الحلق ممن كان يضحك علينا , وقد صوَّر نفسه بأنه فريد زمانه , وأعجوبة دهره.

** ما جرى في جدة – ظهيرة الأربعاء الحزين – هو في الواقع فضيحة .. بل انه بكل صدق ” [COLOR=crimson]فضيحة بجلاجل [/COLOR]” .. وهو انعكاس حقيقي صادق , للفساد المروع , الذي إن استشرى أكل الشعوب وابتلع الممتلكات , وان تواجد قتل الآمال بحياة أفضل , وحطم نفسيات عباد الله .

** لقد عشنا كثيرا مع من ” [COLOR=crimson]صجّونا [/COLOR]” بثرثرتهم المتدفقة , عن مشاريع ورقية , وانجازات كرتونية , وشوارع ” بسكوتية ” .. حتى إذا ما حصحص الحق انكشف المستور , وتعرت السوءات .

** المضحك .. وشر البلية ما يضحك .. إن ثمة من واصل قفزة على الحقائق , حتى مع حدوث المصيبة , عندما راح هذا أو ذاك يواصل ثرثرته الممجوجة , وتبريراته البليدة .. كمن يتلذذ بالرقص فوق جثث الغلابة , الذين أقنصهم موت الإهمال واللامبالاة , وأزهقت أرواحهم الانتهازية والتقصير .

** ربما لمعرفتهم بان احد لن يحاسبهم كالعادة , حتى هب الملك الشجاع , الملك الذي يخاف من ربه , الملك الذي قطع على نفسه وعدا بان يضرب بسيف العدل هامة الجور والظلم , فتراجع الموتورون إلى جحوهم كالفئران الوجلة , هلعين من سيف العدالة , للملك الصالح المصلح .

** كنا ننتظر إن نرى سيلا من الاستقالات من هذا المسؤول أو ذاك .. بسبب ” فضيحة جدة ” .. كما يفعل المسؤولون في العالم كله من حولنا .. وإذا بنا لا نجد إلا كل ” وجه بارد ” .. وتقاذف للمسؤولية من هذا لذاك , في ” استهبال ” لم يعد ينطلي على احد .

** يا – مسؤولي جدة .. إن بنجلاديش البلد المعدم , وليس السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم , لم يحدث فيها ما حدث لإخواننا في شرق جدة من عذاب .. رغم أن أمطارهم هناك أضعاف أمطارنا هنا .. واسألوا أي بنقالي قريب منكم ؟

** هل يريد البعض أن يوهمنا أن الأمطار كانت غزيرة , شديدة , وكثيرة … لا – لن نصدق ولا يمكن أن نصدق , أنها في الواقع اقل من أمطار الولايات المتحدة , ومن فرنسا , وحتى من باكستان .

** المشكلة ليست في الأمطار ولا في السيول , المشكلة في ([COLOR=crimson] امسك لي واقطع لك [/COLOR]) وفي ثقافة النهب , وفي اللصوصية , والحرص على الإثراء على حساب الوظيفة .. وغياب المخلصين , وعدم وجود من يعمل بشكل صحيح , وفي عدم وضع الريال في مكانه المناسب … وكمثال فقد اندهشت من احد المسؤولين عندما راح يتهم الأحياء العشوائية , بأنها السبب !! .. لحظتها قلت ليته سكت وتفرغ للاهتمام بشؤون وزارته , حيث ظل الطريق السريع الذي يتبع له , لعدة أيام مغلقا ومهشما ومكدسا بالسيارات , في إشارة واضحة إلى عجز وزارته .

** حالة الارتباك التي أصابت الأجهزة الرسمية , ولاحظها المواطنون خلال المشكلة , كشفت بجلاء أن ما كل ما قيل عن الاستعدادات , والتحضيرات , والتدريب , والتجارب الفرضية .. لم يكن مع الأسف سوى ” تسويق إعلامي ” ليس الا !! .

** الغياب المخجل أيضا لرجال الأعمال , وأهل البر والإحسان , وجمعيات الإغاثة , والعلماء وطلبة العلم , وكل من كانوا ” يصدِّعون ” رؤوسنا داعين إلى نجدة المنكوبين , كشفت هذه المأساة عن حقيقتهم مع إخوانهم في الداخل .. وليتهم على الأقل ” ساووهم ” بأهل كشمير .

** حفظ الله الملك عبدالله , هذا الملك الإنسان , صاحب القلب الكبير .. عندما انبرى في صدق ووفاء , يداوي جراحات إخوانه وأبنائه المواطنين , بقراراته التاريخية التي أشفت صدورنا , وكانت العزاء الحقيقي للفاجعة , والبلسم الشافي من أبو الشعب , لشعبه الذي يبادله الحب – بحب أكبر .

بخيت طالع الزهراني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أ . بخيت الزهراني
    أمتعتنا وكعادتك كاتبنا بما ذكرت ، وأثلج صدورنا ما صورته من حقائق ، فبعد أن عشنا حلم طويل المدى لعروس وهمية صدمنا بعجزها أمام أول هزة خفيفة مرت بها
    هي حقائق وقد تكون بمثابة جرس يدق ليصحى كل ضمير نائم من نومته وكل طماع من طمعه
    شكراً لك على هذا الطرح الرائع والمثالي

  2. لقد اسمعت اذ ناديت حياً
    ولكن لا حياة لمن تنادي

    لا فض فوك استاذ بخيت

    وعظم الله اجرنا في مصابنا الجلل

    بعض التصاريح والابتسامات بعد الكارثة مباشرة من بعض المسؤلين زادت الجروح ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى