حتى نبدأ في البحث عن الموهوبين ونقدم لهم العمل الفني المناسب فنحن في حاجة لبعض المتطلبات المناسبة التي تفيد العمل وتجعله أكثر مصداقية وواقعية، وهي متطلبات مهمة لا يمكن تهميشها أو حتى التعامل معها دون المستوى المناسب من الاهتمام، هذا إذا ما أردنا أن نعمل من أجل تطوير العمل في مجال كرة القدم.
في البداية نحن في حاجة لأكاديميات أو مواقع لممارسة كرة القدم تكون مجهزة بشكل مقبول في كثير من المدن والأحياء، فالأعداد كبيرة والمدارس تعج بالموهوبين، والأندية لا تستطيع استيعاب الجميع فهي مرتبطة بأعداد معينة لا تستطيع أن تتجاوزها، إذن لو أنشئ في كل حي نادٍ رياضي يكون فيه مكان خاص باكتشاف الموهوبين في كرة القدم يشرف عليه أناس متخصصون يتم تكليفهم إما من رعاية الشباب أو من وزارة التربية والتعليم، وللعلم يوجد بعض المدارس المجهزة تجهيزاً مميزاً يمكن الاستفادة منها في مشروع كهذا، من خلال هذا المشروع وتطبيقه بالشكل الصحيح الذي يتيح لنا تقديم المواهب وفق رؤية فنية واضحة نكون قد حصرنا العمل في قطاع البراعم والناشئين على مستوى الدولة في أماكن محددة ومعلومة لدى الهيئة الرياضية، وفي تصوري لو تم الاستفادة من بعض مشاريع التربية والتعليم من مدارس وبعض المرافق الأخرى فلن يكلف هذا المشروع مبالغ كبيرة، وستكون الدولة بعيدة عن أي أعباء مالية إضافية متى ما تم إجراء دراسة اقتصادية بحيث يكون لهذا المشروع رعاة يفيدون ويستفيدون من اكتشاف المواهب، فعندما يثق رأس المال الذي يملكه البعض بفائدة المشروع لن يتأخر في فتح آفاق استثمارية تعتمد على اكتشاف المواهب وصقلها؛ ومن ثم تقديمها للأندية والمنتخبات، مشروع كهذا لو تزامن العمل فيه مع مشروع الخصخصة ستكون النتائج الفنية والاستثمارية مبهرة للجميع، والسبب أن فكرة الاستثمار في الطاقات البشرية أمر مهم وله عوائد جيدة على كافة المستويات شريطة الاختيار الجيد.
في السعودية التعداد السكاني في ازدياد مستمر وهذا يعطي فرصة أكبر لظهور المواهب واستغلال هذا الأمر لمصلحة كرة القدم السعودية، وأمر كهذا في غاية الأهمية ولا يمكن أن ننتظر من الأندية أن تقدم كل شيء فإمكانياتها ضعيفة ولا تستطيع العمل في اتجاهات كثيرة، وليس بمقدورها فتح مقرات في كل مدن المملكة حتى تكتشف المواهب من الصغر والاهتمام بها، المشروع كبير ويفوق قدرات الأندية ويحتاج إلى شراكه على نطاق واسع حتى ينجح ويحقق الفائدة المرجوة منه.
رعاية الشباب ممثلة في اتحاد الكرة والأندية، ووزارة التربية والتعليم ممثلة في المدارس ومقراتها، ورجال الأعمال، كل هؤلاء يعتبرون منظومة لو اتحدت من أجل صناعة كرة قدم حقيقية مبنية على تجهيز كوادر رياضية موهوبة على أسس احترافية بحتة فلن نعاني مستقبلاً من تراجع في النتائج، وقد نصل لأبعد مما نتخيل بكرة القدم السعودية.
قد تكون البداية بتغيير الثقافة الراسخة عن الرياضة بشكل عام وعن كرة القدم بشكل خاص، ثم بعد ذلك نؤمن بأن كرة القدم لم تعد لعبة نمارسها من أجل قتل وقت الفراغ والترويح عن النفس، فهي صناعة تحتاج منا أن نبحث عن الأسلوب الأمثل حتى تصبح رافداً من روافد الاقتصاد الوطني، هذا التأسيس بهذا المفهوم سيريح ميزانيات الدولة وسيكون تنفيذ المنشآت الرياضية الكبيرة من خلال الاستثمارات الناجحة في الرياضة، بمعنى أن أي مستثمر يستطيع أن ينشئ استاداً رياضياً متكاملاً ومن ثم تأجيره للمستثمرين في قطاع الرياضة والشباب، بهذا نكون ومن خلال الرياضة قد وفرنا في ميزانيات الدولة مبالغ كبيرة قد تفيد في قطاعات أخرى، هذا كله متى ما آمنا بأن كرة القدم أصبحت صناعة ذات أبعاد كثيرة ونتائج متنوعة.[/JUSTIFY]
ودمتم بخير،،