ولن أعقد مقارنة بين تلك البيئات التعليمية في تلك الدول وبئتنا التعليمية حتى لا نتعب نفسياً .. ولكن أقول هل أعددنا البنى التحتية لتكون مدارسنا بيئة تعليمية جاذبة ومحببة للطلاب ؟؟؟ فمع سروري بخبر( تحويل المقررات الورقية الى مقررات الكترونية خلال عاميين) في التعليم العام ، الا انني أصيبت بدهشة وإرباك ذهني وحيرة كبيرة اذ ان مشروع كهذا يحتاج الى مقومات اساسية لنجاحه وبني تحتية قوية تقوم على الجودة والكفاءة ..حتى لا يواجه الفشل في تحقيق أهدافه ؛ ولعل أقرب مثال على ذلك توزيع مقررات الصف السادس قبل سبع سنوات على سيديهات – بالإضافة الى الكتب الورقية – حيث لم تحقق الهدف منها لأن أسلوب التوزيع كان غير ملائم والشريحة المستهدفة لا تملك مقومات استخدام التقنية ، والبيئة التعليمية غير مهيأة تماما .
أقول هذا لأنني أعي تماما وضع البيئة التعليمية في التعليم العام حالياً ؛ حيث أن 49% من مدارس البنات و35% من مدارس البنين – مباني مستأجرة(حسب صحيفة المدينة27/10/1434هـ) معنى ذلك أن الكثير من أبناءنا وبناتنا لا يزالون يدرسون في فصول أشبه ما تكون بعلب الساردين.. بل يدرسون في مطابخ وممرات وصنادق .. لا تتوفر فيها توصيلات وقابسات كهربائية ملائمة للعملية التعليمة وخاصة الإلكترونية ..فضلا عن أجهزة تعليمية – حيث لايزال بعض من المعلمين والمعلمات المتميزون يحملون أجهزة العرض الخاصة بهم من فصل لآخر رغبة منهم في تطبيق أساليب تدرسيه جديدة .. كما أن المدارس الحكومية أيضا – وخاصة القديمة منها- غير مزودة بتلك التوصيلات.. بل طاقتها الكهربائية لا تحتمل ولو جزء يسير من الاحتياجات الأساسية للعملية التعليمية وكم من مرات تحولت الفصول الى ظلام دامس عند استخدام احمال زائدة خاصة في اوقات الذروة !!
كما أن المستوى الاقتصادي للطلاب والطالبات لا يسمح لهم بتشغيل الكتب الإلكترونية حيث ان أكثر من 60% من الطلاب والطالبات من بيئات اجتماعية لا تملك شراء احتياجات أساسية فكيف بجهاز كومبيوتر أو أي باد أو حتى الدخول على الشبكة العنكبوتية لتصفح الكتب الالكترونية !؟؟
أما العنصر الأخر الهام الذي أظن ان الوزارة لابد ان تراعيه وهو إعداد المعلم وانتشاله من الإغراق في استخدام اسلوب الألقاء والتلقين في التدريس ؛ وتدريبه على أساليب تدريسية ناجعة كاستخدام الأفلام التعليمية والأقراص الممغنطة والصوتيات والمواقف التعليمية والتجارب .. بل ان يتمكن من ان يقدم نماذج تعليمية للذكاءات المتعددة لطلابه .. وان يكون قادر على دمج مهارات التفكير العليا في التدريس وجعل الطلاب ينخرطون في عمليات عقلية تقوم على التحليل والربط والاستنتاج وحل المشكلات واتخاذ القرارات .. ولعل أصدق دليل على عدم استخدام هذه الأساليب في التدريس هو فشل أبناءنا في اختبارات القياس قبل الدخول للجامعة.
حتما اننا نريد الارتقاء بالتعليم الذي هو عصب الحياة في المجتمعات ولكن لابد ان يكون على قواعد راسخة و أسس قوية وبيئات تعليمية جاذبة ومحببة للطلاب .. حتى يحقق التعليم أهدافه و لا يكون مجرد هدر للملايين من الريالات دون تحقيق مخرجات تعليمية هادفة تحقق للأمة حضارتها ورقيها .. فلا نكون كمن يصنع صاروخا ولا يعد محطة لاستقباله فيتيه في الفضاء ولا يحقق الهدف من إطلاقه .. ولا نأخذ بمقومات حضارية من باب المراءة والتقليد لدول مجاورة حققت قفزات تطويرية بنيت على أسس قوية..
وهنا سيهرب الطالب الى مدرسته فهي العالم الذي يحقق له رغباته ويشبع حاجاته ويحقق فيها أماله وطموحاته..
[/JUSTIFY]