الوصايا في عشق الصبايا – 3
محمد الراشدي
الوصية الثالثة
[JUSTIFY]
ومما يتحامق به جملة العشاق ، تعجل الرؤية ، والمبادرة بطلب الصورة ، قبل المشورة ، والحب في أول ظهوره ، وذاك حمق ظاهر ، وجهل بطباع النساء سافر ، وذلك أن النساء يغلب عليهن في أول الأمر الحذر ، مخافة مكر أو غدر ، فيقدمن سوء الظن ، ولو بكى لأجلهن عاشق وحن ، حتى إذا بلغن من الأمر وكدًا تساهلن في الحذر ، وأقبلن كالمطر ، فلا يكتمن خبيئة ، ويخبرن بالحسنة والرديئة .
لذا فألزم ما يكون بعاشق في أول أيامه الصبر ، حتى إذا عرض عليه أمر الصورة ، فلا يظهرن لهفة ولا زهدا ، وليقل إنه أحب الروح فما تزيده الصورة ولعا ، وما ينقص من حبه احتجاب محبوبه شيئا ، فإن كانت المحبوبة حسناء بادرت بالصورة تدفع عنه مظنة قبحها ، وإن كانت قبيحة هون ذلك عليها ما تخشى من ازورار المحب عنها حال رؤيتها .
فإذا وصلت الصورة فليكن أول شيء يفعله أن يستنسخ منها نسخة أو نسختين ، فإنه لا يأمن أن تعاود المحبوبة ذكرى الحذر ، ويداخلها الندم ، فتحرج عليه بالقسم إلا محا الصورة ، فإن فعلت أزال نسخة واستبقى نسخة فيبر بقسمه ، ويدرك بقاء محبوبه
وليكن أول جوابه الصمت ، وليتظاهر بأنه يكتب ويزيل ما كتب ، ثم ليقل إنه كلما كتب شيئا وجده لا يحيط بشعوره ،ولا يفصح عن سروره ، بمحبوبة حسناء ، وغادة فرعاء ، وحسن في هذا الباب أن يتمثل قول عبادي الجوهر :
[CENTER]
عشقتك قبل ما أشوفك
وشفتك صرت كلي حلم [/CENTER]
ثم يفيض من بعدها في مديح الصورة وإظهار حبوره ، يستوي في ذلك المليحة والقبيحة ، وليكن مديح المليحة دون القبيحة ، مخافة الغرور ، وما ينغص السرور .
وليجعل الصور في حرز أمين ، ومخبأ مكين ، ويبلغ من ذلك طلبه ، إن جعلها في مجلد يسميه ( صور الشباب في العزبة )
ومزيد من الفوائد النافعة تلقونه في الوصية الرابعة.[/JUSTIFY]