المحليةفاتن حسين

القضاء … وتنفيذ الأحكام

[COLOR=#FF0045]القضاء … وتنفيذ الأحكام[/COLOR] بقلم المطوفة / فاتن إبراهيم محمد حسين
[JUSTIFY] حينما قام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- بتأسيس الدولة السعودية وضع نصب عينه أن تكون دولة راسخة قوية تأخذ بكل أسباب الرقي والتقدم مع الحفاظ على هويتها الإسلامية والالتزام بقيم وتعاليم الإسلام الخالدة ، فقد جعل دستور دولته القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة كمنهاج حياة .. وسار أبناؤه البررة على هذا النهج القويم حتى عهد الخير والرخاء .. عهد الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله -الذي يكرس لحياة كريمة للمواطن في دولة تقيم العدل وتحفظ حقوق المواطن.. فيدب الأمن والسلام والرخاء ، فقد قامت الدولة على أنظمة حكم تستند على قواعد راسخة وأسس قويمة ؛ فتأسس مجلس الشورى وأنشأت هيئة لكبار العلماء وأنشأت مجالس للقضاء تدير المحاكم بكافة أنواعها كل ذلك ليفسح المجال للشعب للمشاركة في إصدار النظم والتعليمات التشريعية التي تكفل الحقوق وتحدد الواجبات .. كما أن أعمال هذه المجالس ونتائجها تكون دائماً تحت سمع وبصر ولاة الأمر -وفقهم الله -يدعمون ويقررون ما يحقق العدل والخير والرخاء للمواطن . وأن ما حدث مؤخراً من إصلاح للقضاء وصدور تعليمات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، ومنها على سبيل المثال : الأمر السامي الكريم الذي ينص : ” على الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية المستقلة تنفيذ هذا الحكم وإجراء مقتضاه ” ( عكاظ اليوم 7/1/1435هـ ) ما هو إلا دليل على أهمية تنفيذ أحكام القضاء ليسود الأمن والسلام في المجتمع لأن عدم تنفيذ أحكام القضاء يترتب عليه الشعور بالظلم والغبن والقهر مما يتسبب في آثار سلبية على الفرد والمجتمع .

وفي الحقيقة فقد فاجأتنا بعض المحلية ومنها صحيفة (الحياة) في عددها 18559 يوم الاحد 26/1/2014م بخبر على صفحتها الأولى : ( 18 حكماً قضائياً ضد وزارة الحج بعضها متعثر والآخر لم ينفذ ) . وفي تفاصيل الخبر : ( أن هناك أكثر من 18 حكماً قضائياً واجب النفاذ صدرت ضد وزارة الحج لمصلحة شركات الحج ومؤسسات الطوافة وكان أبرزها وآخرها الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بمكة المكرمة الذي تضمن إلغاء قرار وزير الحج بحل مجلس إدارة مؤسسة جنوب آسيا حيث أكدت المحكمة إنه ( قرار نهائي واجب النفاذ ) بعد مصادقة محكمة الاستئناف عليه … ) . وأضاف المتحدث الرسمي للوزارة أ . حاتم قاضي في آخر الخبر : ” إن قضية جنوب آسيا متداخلة ومتشعبة .. ” وفي الحقيقة فإنني لن أتناول تفاصيل القضايا المطروحة جميعاً ولكن سأتناول قضية مؤسسة جنوب آسيا على اعتبار إنني إحدى مطوفاتها وعايشت القضية بكل أبعادها .

وإنني أكاد أجزم أن قرار وزير الحج د. بندر الحجار ( بحل مجلس مؤسسة جنوب آسيا ) لم يكن قراراً مدروساً من كافة الجوانب .. فصناعة القرار ، أو اتخاذ القرارات يحتاج إلى مهارات فائقة في اختيار البدائل والمشكلات التي تترتب على كل قرار ثم اختيار الأفضل من القرارات التي لا تسبب إشكاليات تضر بمصلحة العمل والجماعة . بل إن القرار لم يتخذ مبدأ الشورى كأساس إسلامي في الإدارة الإسلامية الناجحة حيث لا ينفرد شخص مهما كانت كفاءته وموقعه الإداري في قرارات مصيرية فلو أنه كانت هناك شورى لوكلاء الوزارة الذين عاصروا وزارات حج متنوعة سابقة ولأكثر من عقدين من الزمان – أؤكد أنه لو كانت هناك شورى – لما حصل قرار الحل للمجلس الذي حقق انجازات حصد على إثرها مجلس الإدارة جائزة مكة للتميز عام 1431هـ ، وحصل رئيس مجلس الادارة على نجمة باكستان في عام 1432هـ ، وكان قبلها قد حصل على نوط الحج كأول مطوف يحصل عليه في مؤسسات الطوافة من سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله -وهناك الكثير من الأمثلة التي يفترض أن يكافئ عليها المجلس لما قدمه من انجازات غير مسبوقة في خدمة ضيوف الرحمن .. وليس الاقصاء والابعاد عن العمل خاصة أنه مجلس منتخب من المطوفين والمطوفات وهم من يثقون به في إدارة أموالهم ومصالحهم .. والرسول عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم والمتلقي للوحي لم يكن أبداً يغفل عن الشورى كمكون أساسي في صناعة القرارات وكثيراً ما كان يردد : ” أشيروا علي أيها الناس ” بل إن القرآن الكريم جاء ليشدد على أهمية الشورى فقال تعالى : { فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر.. } (آل عمران 159).

ولكن ربما تكون هناك أجندة خاصة مجهولة ولعبة شطرنج ، أماط عنها اللثام حكم القضاء بعد إجراء التحقيقات المستفيضة الذي اعتبر القرار باطل لأنه لا يحق للوزارة التحقيق مع أشخاص انتفت صفتهم الاعتبارية بإقالتهم وكان يفترض من الوزارة التحقيق معهم في حين صدور المخالفات التي يدعونها وليس بعد عامين من إقالتهم حيث حل المجلس في 26/12/1433هـ وصدرت التهم من خلال المجلس التأديبي في 21/2/1435هـ أي بعد صدور حكم المحكمة الادارية في 16/2/1435هـ كرد فعل لتعطيل حكم القضاء !! فلماذا لم تقم لجان المتابعة في الوزارة في رصد المخالفات في حينها ؟؟ والتحقيق مع المجلس !! لأن الأدلة تكون موجودة وهم على رأس العمل ، أما بعد مرور أكثر من سنة من الإبعاد فلربما تكون الأدلة قد طمرت أو أزيلت أو زيفت.. فكيف يستطيعون الدفاع عن أنفسهم وإثبات الحقيقة ؟؟
لذا لم يكن هناك حق للوزارة في التحقيق معهم وظهر الحكم العادل رقم 277/2 بتاريخ 16/2/1435هـ بإلغاء قرار وزير الحج بحل مجلس جنوب آسيا رقم 68359 بتاريخ 26/12/1433هـ .

أما عبارة المتحدث الرسمي ( بأن القضية متشعبة ومتداخلة ): ليس إلا للتخبط الذي تعايشه الوزارة وعدم وصولها لحلول جذرية حيث إن إبعاد المجلس قد خلف فوضى في مؤسسة جنوب آسيا خاصة بعد إقرار الوزير لنظام العطاءات الجديد .. الذي كُشفت معايره لبعض المقربين من المجلس الجديد وغمت عن الآخرين من المطوفين، وكذلك لما حدث من تجاوزات أثناء عملية الترسية ومخالفة للأنظمة والتعليمات التي حددتها كراسة وزارة الحج حيث دخل الترسية مطوفون لهم مخالفات في الشروط بينما أبعد آخرين من المطوفين ، وهذه قضية أخرى ضد وزارة الحج كسبها 33 مطوف في 19 مكتب خدمة ميدانية وصدر حكم قضائي : ” بإلغاء نظام الترسية وكافة ما ترتب عليه آثار ” ، (صحيفة الرياض 6/1/2014م ) ، وهذه القضية أيضاً قُدمت فيها شكاوي للوزارة ولكنها تجاهلتها تماماً ، ولم يفصل فيها إلا القضاء فالحمد لله الذي كشف الحقيقة وصدرت الأحكام العادلة في القضيتين .

ومع ذلك بقيت وزارة الحج ولأكثر من شهرين ولم تنفذ أي من الأحكام الصادرة من القضاء ، وفي هذا الكثير من الظلم والغبن لمطوفي جنوب آسيا المبعدين . بل فيه الكثير من التجاوز على القضاء وعدم الاهتمام بما يصدر من أحكام شرعية تقوم على قوانين الحق والعدل النابع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم و عدم احترام للسلطة القضائية وهي قمة الهرم التشريعي .. فما قيمة ما يصدر من أحكام اذا لم تنفذ ؟؟

أظن جازمة أننا بحاجة إلى جهة قضائية ذات سلطة أعلى لتتابع تنفيذ الأحكام الصادرة من القضاة -وهو ما تعمل به الكثير من الدول المتقدمة للمحافظة على حقوق المواطنين – كما لابد من سن عقوبات على كل من لم ينفذ الأحكام الشرعية وبذلك نضمن اعادة الحقوق الى أصحابها لأنها أمانة يُسأل عنها الحاكم والمسؤول فكما قال تعالى : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل… } (النساء الآية 58 )فقد قرن الشارع الحكيم هنا بين أداء الأمانات والحكم بالعدل لإرشاد العباد لأهمية إعطاء الحقوق وإنها أمانة نُسأل عنها. واذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمهد الطريق لبغلة تسير في طرقات العراق حتى لا تتعثر فيحاسب عليها .. أفلا نمهد الطريق لعدالة تنصف الإنسان وتعيد اليه حقوقه !!![/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لا عجب لما يحدث في هذا الزمان لانه اخبر به سيد البشر وصاحب الخلق رسول هذه الامه صلى الله عليه وسلم اننا لنرى ماذكر قبل 1400 عام وكانه يصف حالنا اليوم سبحانك ياالله ياعلام الغيوب
    وروى يزيد بن هارون أنبأنا عبد الملك بن قدامة عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « سيأتي على الناس زمان سنوات خداعات: يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل يا رسول الله وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة »1 .

  2. لا عجب لما يحدث في هذا الزمان لانه اخبر به سيد البشر وصاحب الخلق رسول هذه الامه صلى الله عليه وسلم اننا لنرى ماذكر قبل 1400 عام وكانه يصف حالنا اليوم سبحانك ياالله ياعلام الغيوب
    وروى يزيد بن هارون أنبأنا عبد الملك بن قدامة عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « سيأتي على الناس زمان سنوات خداعات: يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل يا رسول الله وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة »1 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى