المحليةالمقالات

من مكة انطلق إعلام البشارة والنذارة

[ALIGN=RIGHT][COLOR=crimson]من مكة انطلق إعلام البشارة والنذارة
لا إعلام الإثارة[/COLOR][/ALIGN]

الإعلام موضوع حيوي ووسيلة اتصال لا فِكاك للبشر عنها, وهي قديمة قِدم الإنسان, حيث النداءات القرآنية من إذاعة السماء تنزل بالوحي, وفي الوحي علم, وأخبار الأولين والآخرين, قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)).

[COLOR=purple]وإعلام السماء إعلام هادف راق, لا يبحث عن الإثارة ولا يصنع المصادمات, ولا يبحث عن المتناقضات, ولا يثير الفزع ولا يتسبب في ضياع المبادئ وهدمها, ولا ينشر الرذيلة, ومن ثم كان إعلام بشارة ونِذارة, صاحب جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام, ووظفوه, بوحي من ربهم في الوجهة المُثلى, وحققوا به القيم الأسمى. [/COLOR] الوحي المطهر, وسيلة ومادة إعلامية لا مثيل له, ويكفي البشرية خيراً وفضيلة, أن تستعرض إعلام البشارة والنِذارة الذي رافق إمام الموحدين إبراهيم عليه الصلاة والسلام, في البلد الحرام, لتُقّعِد وتأصل لموضوع الإعلام البالغ الأهمية, كما هو دور مكة المكرمة في أن تكون هدى للعالمين في جميع شئون الحياة.

كان أول تحرك إعلامي لإمام الموحدين, إبراهيم عليه الصلاة والسلام, الإعلان بمفارقة أهل الباطل, حتى لا يختلط الأمر على عامة الناس, لكنها كانت مفارقة إعلامية قبل أن تكون جسدية, إذ أخذ عليه السلام في إسماع الناس سذاجة تصوراتهم حول ما يعبدون, في مناظرة واضحة قوية, حتى كاد القوم يعودون إلى صوابهم, قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67)).

ثم عاد عليه السلام ليعلن من جديد هزال التصورات بطرح إعلامي فيه نبرة الثقة والتحدي, ليرتفع بالناس في محاولته كشف زيغ وباطل تصوراتهم, قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)).

كان ذلك جانب النذارة لقومه, وقد كانت نذارة محلية تراعي الإمكانات المتاحة آنذاك, ثم حينما قدر الله له بناء الكعبة المشرفة, وما حاطها من آيات بينات, وجههه ربُه للإعلان والإعلام العالمي, بما يحتوية من بِشارة وترسيخ لمبادئ سامية, ودعوة الناس لأمر عظيم, قال تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)).

أمّا رسول الهدى, خاتم النبيين, عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم, فما من وسيلة إعلامية متاحة ومباحة إلا طرقها واستخدمها, وصدق الله تعالى في قوله: (هذا بيان للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب).

لقد كان صلى الله عليه وسلم كيان إعلامي متحرك, يرصد ويجمع المعلومات, ويحللها وينشرها لمن في مصلحته سماعها, يوجهه ربه في كيفية نشر الأخبار فيقول سبحانه: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً), يتثبت عند وصول الأخبار, ولا ينشرها بُغية الإثارة, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)).

إعلام بإرسال الرسل, وإعلام بكتابة الكتب, وثالث بالصلاة جامعة, ورابع بالشعر, كما كان يفعل حسان رضي الله عنه, وخامس بالمناظرة الحقة, كما حصل مع يهود ونصارى, وسادس بالحديث عن مستقبل الزمان وأحداثه, الذي أطلق عليه إعلاميو زماننا باستشراف المستقبل, وسابع بإعلان المبادئ العظام في المحافل الكبيرة كالحج, وهكذا حتى أدى صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين.

[ALIGN=LEFT][COLOR=green]فؤاد قاضي[/COLOR] عميد متقاعد
[/ALIGN]

تعليق واحد

  1. تعددت الإعلامات والهدف واحد ..
    وهو الإعلام لنشر الدين الحق والعلم والفائدة للجميع ..
    تألقت استاذي الكريم في طرحك

  2. مقال رائع من كاتب رائع كيف لا ومكة قبلة العالم

    شكرا من الاعماق ابا احمد

  3. تعددت الإعلامات والهدف واحد ..
    وهو الإعلام لنشر الدين الحق والعلم والفائدة للجميع ..
    تألقت استاذي الكريم في طرحك

  4. مقال رائع من كاتب رائع كيف لا ومكة قبلة العالم

    شكرا من الاعماق ابا احمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى