أتذكر جيدا كيف كُنتُ أنتظر بلهفة قدوم العيد أنا وكل عائلتي ننتظر مراسم الفرح التي تزين الشوارع والمنازل من داخلها وخارجها تباشير السعادة تشرق في كل الوجوه صباح العيد ونهاره وليله وفي كل أيام العيد تهاني الأهل والأصحاب والجيران مفعمة بطعم المحبة ومعايدتهم بالحلوى والريالات بنكهة الصدق.
البعض يغمر تهانيه بالأشواق فقد باعد بينك وبينه طول الطريق أو انشغاله بالحياة لكن التواصل لاينقطع والمكالمات بينهم اذا طالت تكون مرة في الشهر أو ربما أقل .
كان العيد لايحمل عتابا ولا لوما على أحد فالتقصير معلوم سببه ورغم ذلك نعلم مايحدث لهم ونكون بالقرب بمجرد سماعنا عن أفراح بعضنا وأتراحنا. يسعدنا اللقاء وتحلو ( اللَّمَّة) كما يقول أهلنا.
في هذا العيد وقبله وماقبله أيضا ومنذ انتشار الجوال أضحت مشاعرنا متبلدة أعيادنا بلا مظاهر للسعادة وتشكو جفافا عاطفيا أعيادنا لاتتجاوز رسالة نصية نرسلها ليلة العيد أو في الواتس أب لاتحمل أي معنى للمحبة ولا تشعر حتى برغبة في قراءتها لأن الجميع أرسلها لك بنفس الأحرف والتشكيل وحتى بنفس ذلك القلب الأحمر ورمز الوجه الذي يقبلك قبلة باردة تخلو من الصدق.
هجرتنا السعادة وأشغلتنا الحياة بمتاعبها عن مباهجها والعمر يجري راكضا خلف حياة خالية من الفرح والسرور حياة خالية من الإحساس حتى بطعم العيد فصار باهتا لاينبض بالفرح كما كان سابقا عامرا بالحبور .
من منا لم يقل ( وينك يافلان من سنة ترسل تِعيد ويوم كنت مريض ماتذكرتني)!
مشاعرنا باتت منسوخة عن بعضنا ماترسله لي أرسله مئة في جهات اتصالك لكنها تهنئة لاتحمل أي معنى للصدق في مضمونها لذلك تكتفي بالنظر فقط لشاشة جوالك وتركها لتكون شاهد لك على فلان لتقوم بإعادة ارسالها له في العيد القادم لأنها صارت قاعدة لدى البعض ( أرسل وأنا أرسل ) حتى لو كان أقرب قريب و أحب صديق للأسف.
ليس للطيبين زمان ولا للطيبة مكان ولكنها قلوبنا أخذت من جمود تلك الأجهزة القريبة من حواسنا وحرمتنا الإحساس بغيرها فأنست قلوبنا طعم الشعور بمصادر السعادة حتى في أعيادنا. وصار العيد يوما كأيام السنة المزدحمة بالواجبات التي ترهق السهرانين وتجعلهم وفي منتصف النهار في عداد النائمين لنهار اليوم الثاني لتكرار نفس واجب الأمس والعودة للنوم مجددا وفي ظل هذا العيد النائم هناك من يبحث عن قريب يهنئه حتى لو من عند عتبة بابه للأسف.. [/JUSTIFY]