المقالات

وزير التربية و ( رزق سهل)

مقولة لوزير التربية والتعليم جاءت ضمن كلمته في بداية العام الدراسي الحالي، بدأت تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم، واستثارت غضبا عارما في أوساط المعلمين والمعلمات، وربما سببت إحباطا بينهم لا يمكن تجاهله.

رغم أن المتأمل لمقولة وزير التربية قد لا يرى فيها ما يستحق كل هذا الاحتقان الذي جوبهت به، لكن العارف بالواقع الحقوقي للمعلمين والمعلمات يعلم سبب هذا الاحتقان من مقالة الوزير، و يعلم أن هذه العبارات للوزير “على أنه لا مكان بعد اليوم في مجتمعنا التربوي، لمن ينظر لهذه المهنة الجليلة على أنها مجرد مصدر رزق سهل، لا يحول بينه وبين نيل راتبه منها، سوى بضع ساعات دوام يمضيها كيفما اتفق” هذه العبارات قد نكأت جرحا غائرا في نفوس المعلمين والمعلمات، والذين أمضوا سنوات تقترب من السبع في نضال لنيل حقوق مشروعة لهم، وخاصة تلك الفئة المتوسطة والتي تم تعيينها بين عامي 1415 و 1429 فهذه الفئة تم تعيينهم على مستويات أقل من المستحق لهم نظاما، وعلى بنود وظيفية اقتطعت من سنوات خدمتهم، ولا زالوا يناضلون لنيل حقوق يفترض نظاما أن يحصلوا عليها دون مطالبة كما حصل عليها من سبقهم ومن لحقهم، فهم كأصحاب الأعراف تدور أعينهم بين من سبقهم وبين من جاء بعدهم، هم في المنتصف يكاد اليأس يقطع آخر أمل في نفوسهم لاستعادة تلك الحقوق، يترقبون كل مقالة لوزير التربية عله يذكرهم أو يعلم أن فئة من رعيته لهم حقوق مسلوبة ومسألة إعادتها في عنقه، أو على الأقل يشعرهم بعلمه بحالهم ويطلعهم على محاولات حثيثة منه لإعادة تلك الحقوق،

فئة المعلمين والمعلمات فئة جريحة لا تحتاج لمن ينكأ جراحها، فنفوسهم احتملت الكثير وماعادت تقدر على استيعاب حتى القليل، فحالهم كحال عنترة حين قال:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها
قيل الفوارس ويك عنتر أقدم

فمجرد نداء عنترة باسمه ليقدم للنزال كان بمثابة الشفاء لجراح العبودية وسلب حقوقه الإنسانية في قبيلته، وكذاك جماعة مربي ومربيات الأجيال، قد يشفي جراحهم القديمة المستوطنة كلمة تشجيع من وزيرهم، أو كلمة تشير إلى حقوقهم، أو كلمة تتضمن بحث الوزير عن تأمينات يستحقونها طبية كانت أو سكنية.

أما معلمات القرى فذاك جرح آخر، وكأني بهن حين قرأن مقالة الوزير أغمضن عيونهن يكفكفن دمعا ويتساءلن “عن أي رزق سهل تتحدث يا سعادة الوزير؟”.. إن تخفيض نصاب معلمات القرى لن يحل المشكلة، فدوام 3 أيام لا يختلف عن دوام 5 أيام، كلها أيام محفوفة بالمخاطر قلت أو كثرت، في ظل سفرهن اليومي مع سائقين متهورين، فالوزارة يفترض أن توجد حلولا حقيقية من خلال تأمين المركبات والسائقين ويتم تحديد السرعات لهم، كذلك توطين مهن المعلمين والمعلمات في مناطقهم، بدلا من تعيين أبناء الشرقية في الجنوب وأبناء الجنوب في الشرقية، وهكذا بقية المدن، غياب التخطيط هو سبب هذا النزف على الطرق يوميا.

لا يزال التخطيط فيما يخص التعيينات و حركة النقل شبه معدوم ويتم بشكل عشوائي، ولازالت وزارة التربية تحتاج للتخطيط بعقول وطنية تنظر بإنسانية لحال المتقدمين قبل الإقدام على تحديد الجهة التي يوضعون بها، ويكلفون بالعمل فيها..

هذا بعض من حال المعلمين والمعلمات الذين جاشت نفوسهم بمقولة وزير التربية، فإن علمنا حالهم لن نلومهم، بل سنهمس لوزير التربية “رفقا بمن أرهقهم الدهر وسلب الحقوق فنفوسهم لم تعد تحتمل المزيد” وبانتظار ما يشفي نفوسهم ويبرئ سقمها!


ماجستير في الأدب والنقد الحديث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى