..
أسماء فتاة ذكية تقرأ كثيرا وتطرح الأسئلة تلو الأسئلة من أجل صالح مجتمعها ونموه وأزدهاره .وتوجت ذلك بثقافة عميقة في قضايا الدين الإسلامي والفكر المعاصر حيث تقرأ بنهم ووعي ساعدها وجود أب يشجع أبنائه على الحوار ويستمع إليهم ويسمح لهم بطرح الأسئلة دون خوف أو تردد ويمنحهم الثقة ليقولوا ما يستحق التساؤل .
أسماء بعد كل هذا الوقت الذي قضته في القراءة رغم تخصصها العلمي في مجال الحاسب الآلي شرعت في تأليف كتاب يتضمن موضوعات تأخذ من وقتها الكثير وترى أهميتها لتنوير المجتمع وبالذات في قضايا العنف ضد الطفل والعنف داخل الأسرة حيث رأت المجتمع يمارس أعرافا وتقاليد وسلوكيات لا تتفق مع ماقرأته من هدي الأسلام الحنيف وتعاليمه .وكان من ذلك موضوعات عن المرأة وحقوقها والتمايز القبلي والطائفي والمناطقي و التفرقة بين أفراد المجتمع الواحد . أسماء أنتهت من كتابها وأرسلت نسختين لأستاذين في جامعة الملك سعود ربما لتحكيم الكتاب والأستفادة من خبرتهما وهذه نظرة عميقة بعيدة الهدف كما بدات بالتحدث مع دار نشر لطباعة الكتاب وهي في كل الحالات تواصل أتصالاتها ونشاطاتها مع جمعيات حقوق الإنسان والعاملين في مجال حقوق الطفل وحقوق المرأة . وفي يوم من الأيام خططت الأسرة لقضاء الإجازة في دبي ولكن أسماء أعتذرت لأنها تريد أنهاء الكتاب وقبلت الذهاب بإلحاح من أختها أفنان .وفي طريق العودة إلى الرياض بعد قضاء الإجازة كانت أسماء وأفنان وأخوانهما الثلاثة في سيارة واحدة حيث كانت إحدى الشركات تنفذ توسعة في الطريق الذي كان ذا أربع مسارات حيث أقفلت مسارين في جزء من الطريق الموجود داخل السعودية ليصبح الطريق ذا مسارين أحدهما للذهاب والآخر للعودة .وللأسف كانوا في المسار الصحيح قادمين ليتجاوز سائق شاحنة شاحنة أخرى غير آبه بالسيارات القادمة لتصدم سيارتهم وجها لوجه بالشاحنة المسرعة وتدخل السيارة تحت الشاحنة لتقتل أسماء وأختها وأخوانهما الثلاثة بجريمة سائق الشاحنة الذي صدر صك شرعي بتحميله المسئولية 100بالمئة بجانب شركة المقاولات وخلفها وزارة النقل ومهندسيها الذين تركوا الحبل على الغارب لهذه الشركة دون وضع حاجز واضح بين المسارين ودون الرقابة الحازمة على سائقي الشاحنات وملاكها الذين يواصلون قتل الأنفس البريئة بشاحناتهم التي يقودها سائقين بدون أهلية كاملة وبعضهم ربما يتعاطون حبوبا منشطة وبدون علامات تحذيرية لان إحصاء سريع سيوضح الأعداد الكبيرة من الدماء الطاهرة الزكية الذين نزفت على الأسفلت .
قتلت أسماء أسماعيل البشري رحمها الله ومعها أختها وأخوانهما الثلاثة رحمهم الله وذهب حلم الكتاب وظل والدها العالم الأستاذ الدكتور أسماعيل البشري مدير جامعة الجوف يبحث عن الكتاب بأي طريقة وأرسل للصين جهازها المحمول الذي تحطم في الحادث للبحث عن طريقة لاسترداد الكتاب من الجهاز أو عن طريق الأستاذين اللذان لا يعرف من هما . وواصل البشري يإيمان قوي بالله عز وجل مسيرة العمل الجاد لخدمة وطنة ليقود جامعة الجوف لتصبح في واجهة الجامعات السعودية وبأنشطة علمية كان آخرها مؤتمر الوحدة الوطنية تمكن فيه المدعوين من الخروج بتوصيات رائعة وبأقرار كرسي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز لدراسات الوحدة الوطنية وبكرم نبيل من سموه بعد أن عرض عليه الدكتور البشري ذلك .وتمكن الحضور من مشاهدة مشاريع الجامعة الضخمة المكونة من كليات متخصصة متميزة في البناء والتجهيز حيث حرم شامل مستقل للطلاب وآخر للطالبات وب 33 مشروعا تقدر قيمتهم بثلاثة مليارات ريال كما قال ذلك المهندس المتميز يحى الفيفي المشرف العام على إدارة المشاريع في المدينة الجامعية .
حقا أنه الإيمان بالله عز وجل وقوة وصلابة الرجال والرضا بما كتبه الله عز وجل وهذ الإبداع الذي يلازم البشري في محطاته الوظيفية بداية بجامعة الملك خالد ثم جامعة الشارقة ومجلس الشورى وحاليا جامعة الجوف جعلت زملائه في الجامعة يكررون الدعاء إلى الله عز وجل بأن يبقى في الجامعة ليواصل التميز وربما ينتقل لمرفق وطني آخر يواصل فيه همته ونشاطه .
أسماء والحسرة في القلب والدموع في المآقي عليك وعلى أختك وأخوانك ذهبتم بسلام وتركتي رسالتك للأجيال وحب وحزن في قلوب والديك ومحبينكم ودعواتنا لله عز وجل أن يغفر لكم ويرحمكم و يسكنكم فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون .