ملك سكن القلوب
أحمد صالح حلبي
وان كنت مؤمنا بقضاء الله وقدره ، متأكدا بأن لكل أجل كتاب وأن الموت حق علينا ، فان ما سمعته عبر شاشة التلفاز لم أكن مصدقا له ، فالملك عبدالله ـ يرحمه الله ـ لم يكن ملكا لشعبه ، بل ملكا لقلوب العرب والمسلمين جميعا ، واذكر أنني في عام 1427 هـ عند زيارتي لتركيا بعد زيارته ـ يرحمه الله ـ لها أوقفني عدد من الإخوة الأتراك من مسوؤلين ومواطنين قائلين : إن زيارة الملك عبدالله لتركيا لم تكن زيارة رسمية لقائد دولة كما اعتدنا زيارات القادة ، بل كانت زيارة أخ لإخوانه ، إذ أحسسنا أنه جاء لزيارتنا فردا فردا ، وكنا حريصين على متابعة زيارته عبر التلفزيون والصحافة والإذاعة كحرصنا على متابعة أخبار بلدنا فالزيارة حملت الكثير من النتائج الإيجابية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية منذ توقيع اتفاقية التعاون والصداقة بين البلدين في عام 1929م .
وتلك كانت واحدة من انطباعات حسنة تركها الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ تذكرتها وتذكرت معها الكثير من المواقف الإنسانية التي حملها المليك الراحل للشعوب العربية والإسلامية ولعل من أبرزها توسعة الحرمين الشريفين التي أكدت حرصه ـ يرحمه الله ـ على تمكين قاصدي البيت الحرام وزوار مسجد الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم من أداء صلواتهم وعباداتهم بيسر وسهولة .
وان كانت توسعة الحرمين الشريفين تمثل واحدة من عطايا المليك المفدى ، فان عطاءاته لضيوف الرحمن يصعب حصرها ، فان ذهبنا صوب المشاعر المقدسة نرى المليك الراحل قد وضع الكثير من المشروعات التي ساهمت وتساهم في راحة ضيوف الرحمن ، ومنها جسر الجمرات ، وقطار المشاعر ، وغيرها من المشروعات التي يصعب حصرها وسردها .
ولا ينسى الشعب السعودي كبيره وصغيره ، تلك الزيارة المفاجئة التي قام بها ـ يرحمه الله ـ لمنازل الفقراء بمدينة الرياض وما نتج عنها من خير لأسر كانت أشبه بالأسر المهمشة .
واليوم ونحن نرفع تعازينا إلى قيادتنا الرشيدة والأسرة المالكة الكريمة ، فإننا نعزي الأمتين العربية والإسلامية على فقدان هذا القائد الذي سكن القلوب ، بوقفاته مع الصغير قبل الكبير ، والفقير قبل الغني وندعو الله سبحانه وتعالى الرحمة والغفران لقائد أحبته شعوب العالم ، وسكن أفئدتهم .
[/JUSTIFY]