الدين بين العالم به والكاره له
عبدالله فراج الشريف
وفي العصور التي ينشط فيها الداعون لمذاهبهم وأفكارهم تجد فئتين هما أشدها نشاطًا الأولى : جماعات غلو في الدين تقدمه للناس في غير صورته الحقيقية؛ حتى تكاد تجعله دينًا مغلقًا يرفض التعامل مع المختلفين عنه دينًا إلا عبر السلاح، وهو أمر يرسم صورة للدين قد تمثلها اليوم جماعات العنف المختلفة التي تبدأ منحرفة فكريًا ثم تؤول إلى جماعة عنف ترعب الناس لينضموا لها قسرًا استبقاء لحياتهم، وهذه الفئة اليوم أخطر علي الإسلام من كل الفئات المناهضة له؛ لأنها تعمل في جبهتين : تخرج من الدين كل متشكك فيه لم يرسخ بعد في قلبه، وتمنع أن يدخل فيه من البشر الذين لم يؤمنوا به، وهي فئة مهما كانت قوتها إلا أنها إلى زوال حتمًا؛ لأنها ضد الشرع والعقل .
والفئة الثانية دعاة إلحاد تمرسوا في العمل لإخراج الناس من أديانهم وهؤلاء هم الذين في الحقيقة لم يؤمنوا بغير المحسوس الملموس وهم الماديون والذين يرون في الدين حاجزًا بينهم وبين حقير شهواتهم، وهؤلاء ليسوا في العالم بالعدد القليل، وهم يمتلكون من المقدرات المادية وغيرها ما يمكنهم من اجتذاب فئات من المنتمين للأديان تقليدًا للأباء والأجداد دون إعمال العقل لتثبيت الإيمان في القلوب، وهذه الفئة منذ القديم تنفرد بالمنتمي إلى الدين لتستعمل معه أساليب تصل به في النهاية للخروج من الملة باسم التنوير تارة، وباسم الخلوص من القيود المقيدة للحرية، وهم اليوم يستقطبون أعدادًا متزايدة من هؤلاء الذين لايعلمون من دينهم إلا القشور، والعلماء في غفلة عنهم؛ لأن الكثير منهم منغمس في خلافات مذهبية بين المسلمين أنفسهم، والتي تصل دومًا لتبادل التكفير فيحدث التقاتل بين المسلمين أنفسهم.
لهذا فالخطر عظيم جدًا علي الإسلام والمسلمين إن لم ينتبهوا لما يحدث وأن يقوموا بجهود مضاعفة للحفاظ علي دينهم الذي لن يحفظ إلا إذا حفظوا دنياهم أيضًا؛ فلابد لهم من قوة تحميهم وتردع عنهم مخططات أعدائهم وأن تعد من علمائهم من تتكون له القدرات العقلية والعلمية التي بهما يبلغ دينهم لإفرادهم بصورة صحيحة، ويرد فكريًا علي كل دعوى تستهدفه وهذا هو ما أرجو والله ولي التوفيق.[/JUSTIFY]