المقالات

مقترح فصل النساء عن الرجال في صحن المطاف بالحرم اجتهاد وليس بدعة

[JUSTIFY]مقترح فصل النساء عن الرجال في صحن المطاف بالحرم اجتهاد وليس بدعة
د. عبدالله الوزان

اتهمنى بعض الكتّاب الأفاضل بأن مقترحي حول فصل النساء عن الرجال في صحن المطاف بالحرم يُعد بدعة، لكنني أقول لهم إن هذا المقترح اجتهاد ورؤية من قبلي بناء على تجربة شخصية عايشتها ومررت بها كثيرًا، والاجتهاد معلوم في الفقه الإسلامي الصحيح، ويؤجر عليه صاحبه إن أصاب وإن أخطأ شرط أن يكون الاجتهاد موافقًا لأحكام الله سبحانه وسنة رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- ، فالطواف حول الكعبة شيء عظيم يهواه القلب والعقل، ويكاد يطير عقلك وقلبك فرحًا حين رؤيتك للبيت العتيق، وهذا لمنزلته السامية في القلوب، لكن في ذات الوقت شيء صعب جدًا يكاد لا يقدر عليه إلا الشباب خاصة في أيام الذروة عند اكتمال صحن المطاف بحجاج وعمار بيت الله الحرام في مواسم الحجيج ورمضان والإجازات الرسمية بالمملكة، والصعوبة في الطواف حول البيت الآن لأنك لا تجد مكان لقدم؛ فالازدحام والتدافع شيء خطير جدًا، هذا فضلًا عن الاحتكاكات دون قصد من قبل النساء للرجال في ساحة المطاف، والاحتكاكات بقصد من قبل بعض الرجال للنساء، وهذا بفعل الاختلاط وعدم الفصل بينهما، وهناك بعض المتحدثين والكتاب يقولون إن الطواف حول الكعبة منذ عهد الرسول وحتى الآن لم يتم الفصل فيه، ونحن نقتدى به في ذلك، وهذا كلام صحيح، لكن أيام الرسول الكريم لم يكن هناك زحامًا ولا بشرًا بهذه الصورة التي هي عليه الآن، والله سبحانه دعانا لتشغيل العقول والسعي نحو الصالح العام لنا كمسلمين، واتقاء شر الفتنة والاختلاط في أقدس بقعة على وجه الأرض، وفى هذا ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وأبشر الجميع أن الفصل إذا ما أذن الله له أن يتم لن يكون بعيدًا عن صحن المطاف، بل إنه في الصحن نفسه، بأن يخصص للنساء دورًا كاملًا من أحد الدورين الاثنين الذين تم توسعتهم في صحن المطاف من جانب ولاة الأمر – حفظهم الله- ، يخصص هذا الدور بصفة خاصة للنساء الأصحاء وذوى الاحتياجات الخاصة، ولا مانع أن يكون مع المرأة ذات الاحتياجات الخاصة أو الكبيرة في السن أو المقعدة رفيقًا لها من الرجال، وهذ يُعد إكراما للمرأة.

وقد تم عرض هذا المقترح على الشيخ طلال أبو النور المشرف العام على مشروع تعظيم البلد الحرام فقال إن هذا المقترح قابل أن يدرس ومحل العناية، لكن هذه القضية سوف تطرح ويطرح نقاشها في الميادين الطبيعية لها والتي تحقق لها دراسة واعية؛ حتى تقدم لصاحب القرار بصورة صحيحة وحقيقية، هذا رأى مسؤول ولم يقل على الاقتراح أنه بدعة، بل ثمّنه وقال نعرضه على ذوي الرأي والمشورة ليقل كل منهم رأيه المبني على الدليل، وذلك من خلال دراسة جيدة متعمقة حتى يتخذ القرار الصحيح في هذا الشأن. وقد أكد الأستاذ الدكتور/ عاطف بن حسين أصغر عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، بأن تخصيص دور للنساء في أحد أدوار المطاف يحتاج إلى دراسة متعمقة تغطي جميع الإيجابيات والسلبيات ومدى إمكانية التطبيق الميداني ونأخذ في الحسبان ما هي نسبة النساء اللواتي يتوجهن للطواف بصحبة أزواجهن أو عائلاتهن ويرغبن عدم الانفصال عن بعضهم، وماهي نسبة النساء اللاتي يتوجهن بمفردهن للطواف فقط؟ ومدى مناسبة تخصيص طابق خاص لطواف النساء اللاتي بمفردهن مع العائلات، وهل من الممكن التطبيق الجزئي للفكرة من ناحية الاستفادة من الزمان والمكان؟!

بمعنى تحديد أوقات معينة يمكن فيها لطواف النساء فقط، ويكون هذا الوقت معلنًا ومعروفًا مما يرغب النساء اللاتي يردن الطواف بمفردهن التوجه للطواف في هذا الوقت، وكذلك من الناحية المكانية هل من الممكن تحديد مسار معين خاص للنساء في ظل التوسعات الحالية للمطاف والمسجد الحرام؟ وعلاقة كل ذلك بأوقات الذروة والزحام الشديد في مواسم الحج والعمرة. في الواقع كل هذه التساؤلات وغيرها قد تجيب عليها دراسة متخصصة تدرس جميع الجوانب المختلفة والحلول الممكنة الرامية لراحة وخدمة ضيوف الرحمن ومرتادي المسجد الحرام، هذا التصريح أيضًا لم يصف المقترح بأنه بدعة، بل شجع الفكرة وقال إنه يحتاج لدراسة متخصصة لخدمة هذا الغرض؛ حتى يكون فيه بمثابة الرأي الفاصل والقاطع، وذلك للمصلحة العليا للمسلمين في شتى بقاع الدنيا.

إنني من هنا من خلال صحيفة صحيفة “مكة” الإليكترونية الغراء أدعو الجميع للوقوف حول المقترح، وأيّا كان قرار أصحاب الرأي في ذلك سواء بالإبقاء على الطواف كما هو أو تعديله بفصل النساء عن الرجال؛ فإنه بالتأكيد سيكون الرأي الصائب، لأنه سيكون نتيجة دراسة متأنية ومتعمقة، والله سبحانه يقدم ما فيه الخير والصلاح للمسلمين، والله متم نوره ومجري أمره وحكمه في كونه وبيته الحرام بنا أو بغيرنا، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى