المقالات

رؤية التعايش سنة مهجورة

في خضم الأحداث الكبيرة والضخمة وفي معترك السياسة والإيديولوجيا العالمية تبرز قضايا كبيرة ضاربة في عمق التاريخ الإسلامي والعربي .

وفي ظل الألآم المبرحة والجراح العميقة في العالم الإسلامي خصوصاً العربي منه تتعالى أصوات محايدة وغير محايدة تطالب العربي المسلم ـ المقهور والمـسلوب والمنتهك ـ بالتعايش مع الآخر المتغول عليه بأقسى ألوان التغول السياسي والاقتصادي وغيره.

وفي التاريخ الإسلامي تبرز السيرة النبوية العطرة وبالأخص في العهد المكي وتتجلى رؤية التعايش مع القوي المتسلط والمعتدي وكانت هذه الرؤية هي السائدة والظاهرة بوضوح في الهدي النبوي من دار الأرقم في فترة الضعف وحتى في فترة القوة بعد الانتصارات النبوية الكبيرة على العرب خصوصاً على سادة العرب قريش بعد معركة بدر ومع قوة المسلمين وبناء الدولة الإسلامية الأولى بالمدينة مع كل هذا الزخم من العزة والنصر وقَّع النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية رغم صعوبة الأمر على المسلمين وتردد بعضهم باديء الأمر ثم التسليم للهدي النبوي ورؤية التسامح والتصالح والعودة بجراح عميقة من الحزن والألم والتي لم يخفف عنهـا ويجلي كربتها إلا سورة(الفتح) مؤيدة للرؤية النبوية ومسلية للصحابة الحزانى ـ رضي الله عنهم ـ حتى قال عنهـا المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين(( لقد أُنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعها))

والقراءة الأولى لصلح الحديبية وهوالفتح المبين في قوله تعالى { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } الآية

يجد القاري بشكل واضح وجلي رؤية التسامح والتعايش والسلم والسلام في العهد المدني والمكي الجديد حالة النصر المبين والتمكين فكان الشعار النبوي ((اذهبوا فأنتم الطلقاء))

ولازالت الدعوة إلى التعايش تلقى بعض الصعوبات والمعوقات في العصر الحديث بسبب التغول والعدوان العالمي على المسلمين حيث لم تخل دولة إسلامية ولا عربية من عدوان أوتغول ما .

وفي ظل جماعات التطرف التي ساهم في بروزهـا الجهل بالسيرة النبوية من جهة والامبريالية الغربية والتدخل الشرقي السافر في قضايا المسلمين وتعميق الهوة بين المسلمين والآخر المتغول .

فإن صوت الاعتدال والحكمة سيمـا في حالة الضعف والاستضعاف يدعو للتأمل بهدوء وحكمة واتزان في التعايش الذي هو من السنن النبوية المهجورة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى