سلطان الزايدي
قضية اللاعب سعيد المولد لاعب الأهلي السابق والاتحاد حالياً، حتى وإن رفض هذا الأمر، إلا أنه بقوة النظام يُعتبر لاعباً اتحادياً منذ أن وقَّع عقد احترافٍ معه، وبقية التفاصيل التي يتشبّث بها سعيد لا تقدّم ولا تؤخّر في لبِّ الموضوع، فشؤون الاحتراف لا تُعترف إلا بورقٍ رسميٍّ موقّعٍ من جميع الأطراف التي لها علاقةٌ بالموضوع، وهذا ما قدّمه نادي الاتحاد، فعقد احتراف لاعبٍ مستوفٍ كل الشروط، صادقت عليه لجنة الاحتراف، وهذا الحديث ليس آنيَّ الطرح بل معروفٌ منذ أن وقّع اللاعب، وكان المفترض من اللاعب أن يؤدي عمله الاحترافي كما يجب مع فريقه الجديد الاتحاد منذ أن بدأت فترة تنفيذ العقد، إلا أن اللاعب اعتقد أنه بإمكانه التراجع والعودة لفريقه السابق دون أن يخسر كلّ تلك السنوات من عمره في عقد احترافٍ مع نادٍ لا يرغب به، فحضر حينها الناصحون وربما بعبارةٍ أدقّ الكارهون للاتحاد ممن أعماهم التعصب، فما قدّموه لسعيد ليس حبّاً فيه أو مصلحة له؛ بل لأنهم لا يريدون أن ينتصر عليهم الاتحاد، وفي ظلّ هذه المشاحنات نسوا أو تناسوا مستقبل اللاعب، الذي وجد نفسه بين حربٍ إعلاميةٍ بين الطرفين، وليس من شيم الرجال كما يعتقد هو أن يتخلى عمّن وقفوا معه في قضيته، ويذهب بكل هذه السهولة لتنفيذ بنود عقده مع الاتحاد، وكان حرياً بكل الأشخاص الذين صنعوا له الفرصة وعشموه بالأمل أن يعودوا إلى صوابهم ويفهموا أن القضية انتهت، ولا مجال لعودته إلى الأهلي، بإيعازٍ واضحٍ وشفافٍ مفاده: اذهب وقاتل من أجل مستقبلك ومهنتك التي ارتضيتها لتعيش من خلالها، هذا الأمر لم يحدث، ولا أظنه يحدث، طالما التفكير كله مرتكز على مبدأ التعصب.
فالأهلي أخطأ عندما لم ينهِ المسألة من البداية، طالما أن اللاعب بكل تلك الأهمية، والاتحاد لن يرضى أن يتنازل عن اللاعب بعد أن أصبح قضية رأي عام، ولن يحرج نفسه أمام جمهوره، فالتنازل يعني أن الأهلي كسب النزال الإعلامي والقانوني، فالقضية الآن برمّتها خارج الملعب، والتنافس الآن يدخل ضمن مفاهيم مدى قوة الفهم والإدراك لدى الطرفين، ولن ترضى إحدى الإدارتين بالشماتة من قبل الجماهير إذا ما تنازل أحدهم للآخر، وهو تنافسٌ ربما يكون في مستوى القوة أكبر من مباراةٍ داخل الملعب تنتهي بنهاية صافرة الحكم.
ولا يحزننا في الوسط الرياضي إلا سعيد المولد، الذي وقع بين قطبي جدة، يرفض أحدهم التنازل للطرف الآخر، وربما لو بُحث عن حلٍّ يرضي غرور الطرفين من أجل مصلحة اللاعب لكان أقل الشرور بالنسبة لهم، فمثلاً: لو يوافق الاتحاد على بيع عقد اللاعب لأي نادٍ آخر غير الأهلي، وتكون مدة العقد لا تقل عن أربع سنواتٍ غير قابلةٍ للفسخ حتى تنتهي المدة، وبهذا نكون قد حافظنا على اللاعب؛ ليجد فرصةً يعود من خلالها لمزاولة الكرة، فالاتحاد نادٍ جماهيريٌّ وكيانٌ كبيرٌ لا أظنه يرضى بلاعبٍ قال مراراً وتكراراً: لا أريد أن ألعب للاتحاد، وفي هذا جرحٌ لكبرياء العميد لو عاد اللاعب وارتدى قميص الفريق مجبراً بقوة النظام.
فالاتحاد يملك فرصة الاستفادة من عقد اللاعب متى ما قرر بيع عقده، حتى للأهلي نفسه متى ما فتح المزاد على ذلك، ولا أظنه يعتبر خاسراً للقضية أمام جماهيره إذا ما عرفت أن قيمة بيع عقده كانت سبباً مباشراً في جلب ظهيري جنبٍ متميزين جداً يخدمون الفريق لسنوات عدة.
والحقيقة في هذه القضية بالذات لا يخدمها أي تدخلٍ رسميٍّ من أي جهةٍ كانت، وكل مفاتيحها القانونية بيد الاتحاد، والمعنوية بيد الأهلي وهذا ما زاد تعقيدها، وهما المعنيان بمستقبل اللاعب، ومن المفترض أن يكون تفكيرهم في المقام الأول يصبّ في مصلحة اللاعب، فالمواهب هم ثروةٌ للوطن والمحافظة عليهم عملٌ وطنيٌّ بحتٌ.
وآخر الطرق سلكها اللاعب، وبحث في كل الاتجاهات عن حلولٍ تعيده لفريقه السابق، وبقرار محكمة “الكاس” يكون اللاعب قد استنفذ كل الخطوات القانونية دون جدوى، ومن المفترض أن يعود اللاعب إلى طاولة التحاور مع إدارة الاتحاد ربما يجد حلاً لمشكلته، أو ينتظم في التمارين مع فريقه الجديد، وينسى الأهلي لأربع سنوات قادمة، ثم إذا أراد أن يعود فله حقّ التوقيع معهم، ويكون بذلك نفّذ كل قوانين الاحتراف التي تنصّ على إكمال عقده مع الفريق الاتحادي.
ودمتم بخير،،،[/JUSTIFY]