وَرَحَلّ أَمِينْ
نبيه بن مراد العطرجي
[JUSTIFY]تَتوالى أيَام العُمر ، وتتعَاقب أيَام الحيَاة ، وتنطَوي الشِهور والسنِين ، وتمضِي أيَامنا غَير مُهتمة بِما فِي نفُوسنا مِن مَواجع وآلامْ سَجلها الزَمن دَاخل القلُوب ، تتفَاوت آلام تِلك القلُوب بَين مَرء وآخر ، ومَع مَطلع شَهر الخَير والبَركة ، الشّهر الذِي تُفتح فِيه أبْواب الجنَان ، وتُغلق أبوَاب النِيران ، وتَصفد فِيه الشيَاطين ، شَهر رَمضان المبَارك يَتجدد فِي نَفسي الحُزن والألَم الذِي يُخيم عَليها مَنذ أنْ أصَابها فِي اليَوم الثَامن مِن عَام 1431ه ولمْ يُفارقها بَل يَزداد يَوماً بُعد يَوم ، حَيث شَاءت الأقدَار أنْ يفَارق إبنِي البِكر ( أمِين ) دُنيا الزوَال بِيد الغَدر ، بيَد قَاتل لَيس فِي قَلبه القَاسي مِن كمَال الإيمَان وصِدقه شَيء يُذكر ، قَاتل لمْ يُراعي حُرمة الزَمان شَهر رَمضان المبَارك ، والمكَان أطْهر بِقاع الله مَكة المكرَمة ، قَاتل تَجرد مِن معَاني الإنسَانية بأجمَلها ، قَاتل عُميت بَصيرته قَبل أنْ يُعمى بَصره ، قَاتل لمْ يُراعي حُرمة الدَار التِي أقتَحمها والشَمس فِي وسطْ السَماء لِينفذ جَريمته الشَنعاء ، ومَا يَدور فِي رأسِه الضّال ، وفِكرة المنْحرف ، ورَحل ( أمِين ) بِيد الغَدر لِرب جبَار جَواد كَريم فِي شَهر فَضيل ، رَحل لربِه إبْني الشَهيد ( أمين ) الذِي قُتل غِيلة وهُوا فِي مُقتبل العُمر ، رَحل ( أمِين ) فِي عِز زَهرة شبَابه ، وقُبيل أنْ يُكمل عِقدة الثَاني مِن العُمر ليَترك رَحيلة فِي القَلب جُرح ألِيم يَنزف ألماً ، ولنْ يَندمل ذَلك الجُرح ويَبرا مَالمْ يُطبق شَرع الله بِإذنه تَعالى فِيمن أهدَر دَم ( أمِين ) الذِي حَرمه الله إلّا بالحَق {… وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ …} فِيمن أرتَكب أعظمْ كَبيرة مِن كبَائر الذنُوب بَعد الإشْراك بالله ، رَوى أنسْ بِن مَالك – رَضي الله عَنه – عَن النبِي صَلى الله عَليه وسَلم أنّه قَال : ( أكبَر الكبَائر الإشرَاك بالله ، وقَتل النّفس ، وعقُوق الوَالدين ، وقَول الزُور ) وقَد وعَد الموْلى تَبارك وتعَالى مَن قَتل نَفساً مَعصومة بِغير وَجه حقْ بالخلُود فِي جَهنم {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} .
اللهم أرحَم عَبدك ( أمِين ) وعَوض شَبابه الجنّة ، وآنِسه فِي وحدَته ، وأنقُله مِن مَواطن الدُود وضِيق اللحُود إلَى جَنات الخِلود ، وأجعَل قَبره رَوضه مِن ريَاض الجَنة ، وأكْرمه مَنزلة الشُهداء ، وأسْكنه الفردَوس بلَا حِساب ولَا سَابق عَذاب . ومَن أصْدق مِن الله قِيلاً {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [/JUSTIFY].