ترتفع أسعار الأطعمة وبقية المواد الغذائية قبيل قدوم الشهر الكريم، وقد لايتحملها العامة، فمنهم من يعيش على الكفاف، بينما يتخير الأغنياء بين أصناف مختلفة فيشترون مالذ وطاب، ولايتهيبون إرتفاع أثمان أية سلعة مادامت الجيوب ملئى، وللتمور أسعار ترتفع في هذا الشهر فينزعج الناس، ومثلها اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك، ويتعرض التجار الى سيل من الشتائم والنقد اللاذع من وسائل الإعلام والمواطنين المستائين الذين يصبون جام غضبهم على الباعة وهم لايدركون إن هناك مضاربين في بورصة المواد الغذائية، وتجار يجدونها فرصة ملائمة لجني المزيد من الأرباح.
ولو إقتصر الأمر على مايدخل البطون ويسليها بعد يوم من التعب والجوع والعطش في شهر رمضان لكان ذلك يسيرا ويمر بهدوء، أو بصخب وينتهي في أيام لكن الشهر الكريم تحول الى سوق لعرض اللحوم البيضاء من خلال متحكمين في سوق الإعلام والدراما الرمضانية التي تحولت الى ساحة للإستثمار في صناعة المسلسلات الرمضانية التي تستقطب الملايين من الناس وتستحوذ على إهتمامهم، ويدخل في هذا السوق ممثلون ومغنون ومنتجون ومخرجون ومختصون في مجالات لاتعد ولاتحصى ليجربوا حظهم ويحصلوا على فوائد مالية ونجومية وحضور.
لايرتبط رمضان في نظر عديد المختصين بالحرمة والوقار وإحترام الطقوس الدينية، فالتركيز يتم عبر الأحاديث الدينية على الحشمة والإلتزام والإبتعاد عن المفطرات التي هي غير الطعام والشراب كالنظر والمعاشرة الجنسية والأدب وعدم التجاوز والكذب والغيبة وإظهار مفاتن الجسد، ولهذا يعمد منتجون الى تحويل شهر رمضان الى واحد من أسوء شهور السنة وأكثرها موبقات وإنحرافا من خلال التلفزيون ومايبثه من برامج غناء فاضح ومسلسلات تبتعد عن الإحترام، وتظهر مفاتن الجسد حيث تتسابق الراقصات والمغنيات وعاملات الملاهي الليلية لتقديم الأفضل والأجمل من العروض وجذب أنظار وإهتمام المؤمنين في العالم العربي، وبمجرد أن تتناول حبة تمر وبعض اللبن تنساق عيناك الى شاشة التلفاز هذا إذا صليت المغرب والعشاء فتتبع المشاهد الساخنة ودلع الممثلات وأرداف وأثداء وعيون ورقاب وصدور غير خاضعة لتسعيرة محددة، وربما يتم التوزيع ببلاش على العكس ممايتبع مع التمور والألبان ولحوم الدجاج والأغنام.
رمضان كريم في العبادة والطاعة والإحترام وصلة الرحم، لكنه صار كريما بالموبقات والفواحش والألعاب التي تخرجه من دائرة الورع والطاعة والإلتزام بتعاليم السماء، وفي هذا روي عن علي بن أبي طالب قوله، أفضل الأعمال في رمضان، الورع عن محارم الله .