المقالات

إفطار الصائم في رمضان

عادة محمودة أن يُخرِج الصائم إفطاره في الشارع ليشاركه فيه الآخرون، وليفوز ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: ( مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) رواه الترمذي برقم (807).

ما أجمل أن يضاعف الصائم أجره أضعافاً مضاعفة بأن ينال أجر الصائمين كاملاً غير منقوص، فكأنه إذا أفطر في كل يوم صائماً أو صائمين أو ثلاثة صام شهراً أو شهرين أو ثلاثة بعدد الذين يفطرهم في الشهر، فإن أفطر ثلاثين شخصاً في الشهر كان كأنما صام شهراً آخر، وإن أفطر ستين كان كأنما صام شهرين، وهكذا قد يبلغ أجر من صام عاماً كاملاً حين يفطر 360 صائماً، وإذا زاد فإن خزائن الله جل وعلا ملأى لا تنفد ولا تنضب.

ولا يهم إن كان الطعام قليلاً أو بسيطاً، فقد يسبق درهم مائة ألف درهم إذا أُخلص العمل وصَدَقَتِ النية، وإن الحد الأدنى الذي ينال به المسلم أجر الصائم هو مذقة لبن أو تمرة واحدة أو شربة ماء، تكفي إحداها لينال الثواب كاملاً. وفي الحديث: (من فطر صائما كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء، قلنا: يا رسول الله ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة من ماء، ومن أشبع صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. رواه البيهقي وابن خزيمة في صحيحه.

إن ما نراه اليوم من إقبال على إفطار الصائمين في شوارعنا، وما يقوم به المحسنون وأهل الخير من تمويل اﻹفطارات الجماعية وتوفير سلة الصائم هو مما يؤكد الخيرية الباقية في هذه الأمة المباركة، ويعزز قيم التكافل والتراحم بين المسلمين، ويثبت أنهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؛ مصداقا لحديث النبي عليه الصلاة والسلام.

لكن المؤسف له زهد الكثيرين في هذا اﻷجر الجزيل، حين يصرون على الإفطار في منازلهم إما تكبرا أو جهلا بفضل إفطار الصائمين أو حياء من ضيق ذات اليد.
إن الذي يصر على اﻹفطار في منزله أيام شهر رمضان يستوي عنده شهر رمضان مع بقية الشهور، وإلا لما أفطر داخل منزله أحد عشر شهراً، مضيفاً إليها شهر رمضان المبارك، دون مراعاة لفضله وخصوصيته. ورضي الله عن ابن عمر وأبيه فقد كان لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين، وربما لا يفطر إذا علم أن أهله قد ردُّوهم عنه في تلك الليلة، ورحم الله اﻹمام الزهري الذي كان يقول إذا دخل رمضان: (إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى