المقالات

لا للتدهين في مواطن الحسم

لا للتدهين في مواطن الحسم
د.محمد خيري ال مرشد

[JUSTIFY] إن مساهمة إيران المباشرة عمليا في تمويل مجموعات إرهابية تخريبية في المنطقة ، وكذلك دعمها ومساندتها أنظمة أقليات قائمة على القهر والاستبداد والطائفية ، وبذات الوقت لا تقدم أي خدمات مجتمعية ذات قيمة وهي رجعية وظلامية على المستوى الأخلاقي والتعليمي والتقني .. حيث لم تتحرك البلاد الواقعة تحت سلطتها قدر أنملة منذ الستينات إلى يومنا هذا مقارنة بحركة التطور العالمي , فإيران تدعمها عسكريا وماديا ومعنويا لتضمن توسع مشروعها الطائفي أولا ، فهي تعمد على زعزعة المنطقة وإثارة الحروب الطائفية والقلاقل فيها لإضعافها وتقسيمها ، كما أن من أهدافها نقل مشاكلها الداخلية وتصديرها لخارج الحدود وإشغال الجوار واستنزافه ، كل هذا نابع من طموحات ملالي طهران في التدخل والتوسع في المنطقة ؛ بل الهدف النهائي الهيمنة عليها بطريقة أو بأخرى أو على أقل تقدير تقسيمها والهيمنة على أجزاء منها ..هذه هي سياسة ايران الصفوية التي بيناها في مقالات سابقة ..

والمهم اليوم ، ألا نجعل الارتباك والتردد يتملكنا فالأمور أصبحت أكثر من واضحة ، وكل عقلاء الأمة من مفكرين وسياسيين وحتى عامة الناس ادركوا هذه الحقيقة التي تتجه لتغير حياتنا من جذورها ، بل قد تغير تاريخنا وهويتنا .. فالتردد يخلق ظروفا نفسية غير مناسبة لاتخاذ القرار الصائب و المناسب في مواجهة اخطار كهذه التي تواجهنا اليوم ، والتي يجب أن يكون فيها الحسم قرار مدروسا واضحا لا ينفع فيه التدهين في مواطن الحزم والحسم ، حيث تحتاج بعض الاعضاء للبتر أحيانا لكي يحافظ الجسم على الحياة ، وإن عولجت بعض الأمراض فإنها تعالج بمعرفة تشخيصاتها وبذلك دواءها ، وإلا سوف ندخل أسلوب التجربة والتكهن .. وأننا نرى حقيقة بأن اتخاذ قرارا مثل قرار عاصفة الحزم واستمراره هو قرار صائبا ، لإعادة تأهيل ما فقد وتصويب ما فات ، وأن تنسيقا إقليميا مع من يهمهم ذات الأمر ومن يحملون ذات الهموم بدى أمرا ملحا وضرورة حتمية ذات أهمية بالغة ، ويجب أن يتخذ هذا التنسيق صورة الدفاع المشترك الحقيقي وبناء تكتلات إقليمية قادرة على حماية نفسها ، وصد أي عدوان مفترض دون العودة إلى أحد في اللحظة المناسبة إن فرضت لا سمح الله , كما أنه يجب تحييد من يعملون وراء الستار كأنهم اصدقاء ؛ لكن هدفهم ابطال وإعاقة هذا المسار وهم كثر اليوم.. إنه من الأهمية بمكان الاعتماد على الله أولا ثم على الذات من الان فصاعدا دون الارتكان الى قوى هي اصلا سبب بلاء هذه الأمة. فإيران لن يكبح جماحها إلا قوة المنطقة والقدرة الذاتية على دفعها وردعها و ردها إلى داخل حدودها ، خاصة بعد هذا الواقع الجديد الذي فرضه آخر اتفاق مع واشنطن تحديدا ، والذي كان أساسه مبنيا على تبادل المصالح بين الطرفين ، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الآخرين بالمنطقة ، حسب تقدير كثير من المراقبين..

فقط العمل على خلق واقع قوة جديد للمنطقة ، هو العامل الأهم والكفيل بأن يضطر كل الاطراف وأولها الولايات المتحدة احترام مصالح أهل المنطقة ، ناهيك عن باقي الأوراق المهمة التي تتمتع بها المنطقة من مصالح للغرب والشرق على حد سواء يمكن استخدامها ايضا ؛ لكن لن تكون فاعلة دون عامل ضمان وهو القوة الذاتية.. فالعمل على عدم ضمان مصالح الغرب والشرق دون ضمان مصالحنا هو المنطلق والمنطق الذي يجب أن ننطلق منه ونعمل عليه..

إن كل الهواجس بخصوص التدخلات الإيرانية في خصوصيات المنطقة وشؤونها الداخلية هي في محلها ، ولها ما يبررها وخاصة بعد ما فرض الواقع الجديد بعد الاتفاق الأمريكي الإيراني الأخير ، وما يتوقع من توظيف إيران لهذه الأموال الطائلة التي تنتظرها بزيادة توغلها في المنطقة , فكيف لنا أن نفهم أن إيران دعمت ومولت ودربت كل العناصر الإجرامية التي تثير البلبلة في المنطقة ، وهي تحت الحصار لعقود فكيف بها بعد أن يطلق لها العنان و يفرج عن مئات المليارات من الدولارات ، وكذلك فتح أسواق الغرب والشرق لها ومنها ، مما سيعود عليها بعوائد مالية إضافية كبيرة ، وها هم وزراء الطاقة والاقتصاد بدأوا يهرولون إلى طهران منذ امس وأولهم وزير الاقتصاد الألماني ، وهذا دليلا على جهوزيتهم وانتظارهم هذا الاتفاق بفارغ الصبر..

إنه لا ثقة بسياسة إيران الدعائية التطمينية التي طالما فعلت غير الذي صرحت ، والدلائل والبراهين ملايين لا يغفل عنها إلا جاهل ، وآخرها وأخطرها إشراف الحرس الثوري المباشر لدعم أذرع إيران في المنطقة في سوريا والعراق واليمن وغيرها عسكريا وعلنيا ، والتي نأمل بأن عاصفة الحزم ماضية في بترها جميعا في مواضع الحسم الذي لا ينفع فيه التدهين مطلقا وأبدا , كما يجب عدم الالتفات إلى الأصوات التي تحاول النيل منها أو تشويهها بهدف إضعافها أو النيل منها..
جميل تحياتي[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى