عقول الغرب بوجه عام بما فيهم الأمريكان واليابان عقول عبقرية، ولكنها ليست ذكية؛ لأن (العقل الذي لا يوصل صاحبه إلى الجنة لا خير فيه) مهما كانت اختراعاته، والعقل الذي لايؤمن بالله عز وجل ولا باليوم الآخر فهو عقلٌ غبي لايفيد راعيه، وفي نهاية الأمر يلقي بصاحبه في الجحيم مالم تحفه رحمة الله عز وجل.
كثيرُ منّا يثني على عقول (الغرب)، ويشيد بتطورهم وتقدمهم التكنولوجي والمعرفي وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ولكن العبرة بالخواتيم وليس هناك أفضل من خاتمة الجنة، فكتاب الله عز وجل خاطب (أولي الألباب) في أكثر من موضع، والعقول الذكية هي التي تعي كلام الله عز وجل وتتدبّر معانيه وتتأثر بآياته، ولعلي أستذكر معكم قصة إسلام الشاعر (اللبيب) الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدوسي -رضي الله عنه- عندما قدِم إلى مكة المكرمة بعدما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحذره أهل مكة من أن يسمع له أو يجالسه، فدخل الطفيل المسجد وقد وضع في أذنه قطنًا، حتى لا يسمع ما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم حدَّث نفسه أن يسمع، فإن كان ما يقول (الرسول) خيرًا أخذه عنه، وإن كان شرًّا لم ينصت إليه، فوقف الطفيل عند رسول الله وهو يقرأ القرآن، فإذا به يسمع كلامًا ليس كسائر الكلام، إنه شيء معجز، لا يستطيع أحد من البشر أن يأتي بمثله، ولا يملك من يسمعه بعقل سليم إلا أن يؤمن به، فأقبل الطفيل على رسول الله يقول: قد أبى الله إلا أن يسمعني منك ما تقول، وقد وقع في نفسي أنه حق، فاعرض عليَّ دينك، وما تأمر به وماتنهى عنه). فعرض عليه رسول الله الإسلام فقبله وحسن إسلامه. ومن هنا فتطوير التعليم يبدأ بتعزيز التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وغرسهما في نفوس الأبناء وتنشئتهم عليهما، ثم تأتي بعد ذلك فنون العلوم الأخرى.
ولعل الخطوة الرائدة التي أقدم عليها وزير التعليم عزام الدخيل، عندما فوّض مديري التعليم بصلاحية فتح فصول تحفيظ القرآن في مدارس التعليم العام، كانت فاتحة خير لبدء العام الدراسي الجديد، وقد هيأت المعلمين والطلاب نفسيًا لاستقبال عامهم الدراسي بانشراح على غير العادة في كل عام .
من هذا المنبر كوني ولي أمر أطبع قُبلة محبة وعرفان على جبين عزام الدخيل، عزام الإنسان قبل أن يكون الوزير، الذي أعاد لأبنائنا الطلاب جزءًا من هويتهم الضائعة، فبركة القرآن لاتخص الطالب فقط، بل تشمل أهله ومن حوله ودائمًا ما ينعكس القرآن الكريم على قارئه بالخير والبركة والهداية والصلاح، ولعل أكثر ما يطمح له الوالدان من بر أبنائهم هو حفظ الأبناء لكتاب الله عز وجل؛ حتى ينعم الوالدان بـ (تاج الكرامة) من الله عز وجل يوم القيامة.
ولهذا جاء تفاعل المجتمع مع عزام سريعًا وقد رأينا ردود الأفعال من أعيان المجتمع السعودي بجميع طبقاته، تسدل له عبارات الثناء والشكر والحب والتقدير على هذا القرار المبارك. فقد تفاعل المجتمع مع عزام بشكل كبير وبمشاعر مليئة بالحب الصادق والدعوات الخالصة له بالتوفيق والسداد، وما عند الله أفضل وأكبر – إن شاء الله-. فكل حرف يُقرأ في كل فصل أحسب أن للدخيل فيه أجر، وهو صدقة جارية له بإذن الله تعالى، وهكذا هم العظماء الذين يغيرون في المجتمعات بشكل إيجابي وحتمًا سوف يخلد التاريخ اسم عزام فالقرآن يرفع قدر أهله، ويعلي منازلهم في الدنيا والآخرة.
ختامًا يبدو أن عزام الدخيل له من اسمه نصيب، فهو (عازم) على إعادة الهوية التعليمية لطلابنا من جديد وارتباطهم الوثيق بكتاب الله عز وجل في الفصول المدرسية خير دليل، وهو جاد لردع كل فكرٍ (دخيل) على التعليم والقيم والثوابت التي قامت عليها هذه البلاد المباركة منذ نشأتها ولم يزدها تمسكها بـ(النورين) إلا قوةً وعزةً مهما حاول البعض إيهامنا بغير ذلك.
فالقرآن يُنير العقول ويخرج صاحبه من الظلمات إلا النور ومن الضلال إلى الهدى، ومن اعترض على قرار الوزير يُعد أمرٌ طبيعي فالخير والشر يتصارعان على الدوام، وفي نهاية الأمر فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير.
شكرًا عزام الدخيل.