كم هو جميل أن ترى الوطن كله كخلية نحل لا تكل ولا تمل إرضاء لله تعالى القائل في كتابه العزيز(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ..) (الحج:27)، ثم رغبة في إرضاء ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام، والمتابع لحركة جميع أجهزة الدولة ممثلة في أمراء المناطق، والأمن العام، والدفاع المدني، والصحة، ووزارة الحج التي تشرف على جميع أعمال مؤسسات أرباب الطوائف (مطوفون وزمازمة وكلاء وأدلاء). فجميع هؤلاء وغيرهم سخرهم الله في خدمة حجاجه، المتباهون دائمًا بشرف المكان والزمان والمهنة التي خصهم بها سبحانه، لينالوا الشرف العظيم قال تعالى (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)(إبراهيم:37) المهنة التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم؛ ساعين بفضل الله للحفاظ عليها ببذل المزيد من التضحيات بما هو غالٍ ونفيس، لينعم الضيف الكريم بالحج بيسر وسهولة، غير ناظرين إلى العائد المالي في مجمله زهيد، حتى إنه لم يتغير منذ عدة سنوات، على الرغم مما يشهده السوق من غلاء في العيش والمعيشة، في حين ارتفع سقف مطالب الجهات المعنية والحجاج، وقد لا ألومهم وبعضهم لا يعلمون مقدار الجهد الذي يبذله ذلك المطوف بتحمله المسؤولية عن أي خلل يصادف رحلة الحاج المباركة في السكن أو النقل والمواصلات بل حتى تقلبات الطقس المفاجئة بلطف الله سبحانه في المشاعر المقدسة من أمطار وعواصف، إذ يتحمل أعباء ما ينتج عنها من تلفيات، ذلك المطوف المتكلف بإعادة التشييد للخيام ومتطلباتها في ساعات حرجة مع ندرة العمالة وغلو أسعارها، وقد تكرر ذلك في مواسم عديدة مضت، وبالعودة لعنوان مقالي فإن كل تلك الجهود المباركة والعطاء السخي من حكومتنا السعودية -حفظها الله- وسدد على دروب الخير خطاها، لا بد أن يقابله حسن التصرف واحترام الأنظمة والقوانين التي أقرتها الدولة، للحفاظ على سلامة الوطن وأهله وحجاج بيت الله الحرام جميعًا، امتثالًا لقوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)(البقرة:197)، إذ ينبغي على من رغب في أداء فريضة الحج المباركة أن يتناسى أية شعارات أو نزعات ونزاعات تشهدها بلده الإسلامي، ويتفرغ للعبادة التي بذل من أجلها الغالي والنفيس ليكتمل إسلامه بالركن الخامس، فالحج عبادة شرعها الله تعالى لتوحيد الصف وزيادة الروابط بين شعوب العالم المترامي الأطراف قال تعالى(لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)(الحج:28)، وليس أدل على صفاء النفوس ونقائها ذلك اللون الناصع البياض لإحرام الحج في مشعر عرفات إذ يتساوى الغني وفقير المال بتجردهم عراة من مظاهر الترف متضرعين متذللين إلى الله سبحانه بأن يزيل الغمة عن الأمة الإسلامية، وقد تخبطها غزو فكري بائد بمشيئة الله، وليس بمستغرب على حكومتنا السعودية -حفظها الله- وقد تحملت الأمانة، ذلك الكم المهول من رجال الأمن المدربين المؤهلين للحفاظ على الأمن المنشود على كل شبر من الوطن الغالي علينا جميعًا، ومن حقه علينا التفاني في الحفاظ على أمنه بكل يقظة والحرص على إبلاغ الجهات المسؤولة عن كل ما يريب عبر أرقام التواصل المعلنة لمكافحة الجريمة بكل فئاتها غير متناسين (إن حب الوطن من الإيمان)، اللهم احفظ علينا أمننا ووطننا حكومة وشعبًا وجميع بلاد المسلمين..آمين.
0