الأطفال هم البراءة تسير على الأرض ، أرواح ترتع في الحياة بلا ذنوب ، تشفق عليهم جميع القلوب السوية ، وأشد صورة للألم على النفس البشرية هي صورة الطفل عندما يكون ضحية لعنجهية واستبداد حكام بلاده ، أو ضحية لأعداء الوطن ، أوضحية للجوع في بلد لم يستطع أن يوفر له حياة كريمة فيموت جوعا .
صورة الطفل السوري البريء، الذي غرق وأخرجه البحر في شواطئ تركيا ، والتي نشرت على نطاق واسع في وسائل الإعلام وعلى صفحات الأنترنت والتي اعتصرت القلوب الحية ألما وأبكت العيون، ذلك الطفل الذي لم يدرك لماذا خرج من بيتهم ومن أخرجه، وإلى أين سيذهب، لم يدرك دكتاتورية رئيسا يقيم حكمه على جثث المواطنين ، نعم ادمت قلوبنا تلك الصورة وأبكت عيوننا على حال أخوة لنا يغرق مستقبلهم في البحار والمحيطات ويدفن في كل شبر في أوطانهم ، أي اذلال يابشار تذل به أهل سوريا وأي تشريد وأي قسوة في قلبك أن كان لك قلب ، هل ستحتضن سوريا أهلها بعد هذا القسوة والدماء بعد هذه البشاعة والأشلاء .
صورة ألم استدعت صور أخرى حدثت في فلسطين المحتلة صورة الطفل المحروق في منزله على يدي مستوطنين أسودت قلوبهم وفاضت بالعنصرية الصهيونية الكريهة ، أنها قسوة القلوب والعقول التي لا ترى عارا في القتل واستباحة الدماء في سبيل جمع الغنائم السياسية ، وقد سبقها مقطع قتل الطفل محمد الدرة بين يدي والده والتي أبكت قبل زمنا ليس بالبعيد العيون وحركت شاعرية الشعراء ولم تحرك غيرهم للأسف .
وتأتي صورة الطفل الذي يتضور جوعا في افريقيا ويصل به الجوع إلى حافة الموت فلم يعد يستطيع الحركة والنسر يقبع خلفه ينتظر موته ليلتهم ما تبقى من هيكل عظمي لا يشبع نسرا ولا حتى قطا .
صور الهروب من الموت إلى الموت لم تعد قوارب نجاة بل قوارب معاناة ، كم هي معادلة صعبة في حياة السوريين الهاربين من براميل بشار الأسد إلى بحار تبتلع الكثير منهم ، أو وصولا لشواطئ الأذلال في بلاد تدعي حقوق الإنسان وهي أبعد ما تكون عنها ، فمن هان على أهله لن يكرمه الغريب .
0