العمل على تطوير المشاعر المقدسة.. وكل ما يتعلق بالحرمين والمسجدين الشريفين منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- قائمٌ على قدم وساق، ولن يتوقف حتى يرث الله الأرض بمن عليها.. فالعناية بالمشاعر المقدسة والمسجدين الشريفين من أولويات جميع الملوك من بعد المؤسس-رحمهم الله- وحتى عهدنا الزاهر الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- ومن يستعرض حال المشاعر المقدسة والمسجدين الشريفين قبل نحو سبعين عاماً مضى بحالهم في الوقت الراهن يستبين له الأمر.. ويذهل للتطوير الكبير الحاصل فيهم. إن الاستعداد لكل موسم حج يبدأ بنهاية كل موسم كما هو معلوم.. وهناك أعمال، وخطط تطويرية بدأ تنفيذها من سنوات، وتحتاج لمراحل حتى تكتمل، وفي كل موسم يتم الاستفادة من تقارير مختلف الجهات لتطوير وتحسين الخدمات..
من خلال جولة محدودة قمت بها قبل موسم الحج على بعض المواقيت ومنافذ الدخول لمكة، لاحظت استعداداً مبكراً لموسم حج هذا العام من مختلف الجهات، والملاحظ هو تشديد الجهات الأمنية على تنفيذ توجيهات الدولة والمنفذة بقرار سمو أمير منطقة مكة المكرمة.. (لا حج إلا بتصريح)، وفي كل عام نلحظ شيوع هذه الثقافة، واضمحلال للحجاج المفترشين العشوائيين، مع ملاحظة سلوك البعض منهم طرقاً ملتوية محاولين خرق النظام، والدخول لمكة والوصول للمشاعر إما عن طريق التهريب، أو التصاريح المزورة، أو التصاريح الصحيحة المخالفة للنظام والمباعة بأثمان باهظة!! والأمور تحتاج لجهود كبيرة من جميع الجهات، وتعاون المواطنين والمقيمين.. ونشر ثقافة احترام النظام، وهذا ملاحظ في كل المنافذ والحمد لله.
في المشاعر المقدسة يستقبلك جميع العاملين في الحج بروح عالية من المحبة، وإقدام ورغبة في تقديم أي خدمة لضيوف الرحمن، لمست هذا وشاهدته، فتحية عاطرة للجميع.. في يوم الثامن-يوم التروية- توافد حجاج بيت الله الحرام إلى منى من جميع مداخلها بانسيابية تامة وسلاسة وسهولة، واستقروا في خيامهم.. في جو يملؤه السكينة والوقار.. والروحانية المتقدة شوقاً وفرحاً بأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.. تتصدر الابتسامة.. واللهج بالتكبير والتسبيح ألسنة الحجاج.. في جو من التآلف والأخوة الإيمانية، ومن الله على حجاج بيته فأنزل رحمة منه وفضل مطراً خفيفاً بمشعر بمنى مما زاد ابتهاج الحجاج وفرحهم.. شاهدت توافد الكثير من الحجاج المرتجلين والمفترشين في عدة مناطق ونواحٍ من منى كمجر الكبش، والخيف.. مع تعامل رجال الأمن معهم بلطف وأمرهم بترك الجلوس في الممرات وطرقات سير الحجيج.. وقضى الحجاج ليلتهم في ذكرٍ وتسبيحٍ وقراءة قرآن ودعاء.. وسماع أحكام الحج من المرشدين والمفتين.. ومنهم من اقتطع جزءا من وقته للتجول في أرجاء منى على قدميه والتعرف عليها.. ومعرفة موقعه.. وخطة سيره في الأيام القادمة.. وللحديث صلة إن شاء الله.
د. سامي بن أحمد الخياط