المقالات

حادثة التدافع كارثة ولكن بدون مزايدات

رحم الله وفود الرحمن الذي أسلموا أرواحهم لبارئهم أثناء أدائهم لمناسك الحج هذا اليوم العاشر من ذي الحجة في حادثة التدافع بمنى، وشفى الله المصابين وجمع لهم بين الأجر والعافية.
إن ما وقع اليوم في منى لهو كارثة حقيقية يتألم لها المسلمون في كل بقاع الأرض، ولن نستبق الأحداث ونلقي بالتهم جزافًا حتى يتم التحقق والتثبت وتظهر نتائج التحقيقات، ويُحاسب عندها كل من يثبت تقصيره إن كان ما وقع سببه التقصير أو الإهمال.
الكوارث التي حدثت وتحدث في العديد من دول العالم بسبب المظاهرات والتي لا يزيد عدد المنظمين لها عن مئات الألوف كما وقع في كثير من الدول – ولن أسميها – وسقط فيها ألوف المتظاهرين، وما وقع ويقع في ملاعب كرة القدم من تدافع وتساقط الكثير من الضحايا في مباريات لا يزيد الحضور فيها على سبعين ألف مشجع، لا يمكن مقارنته بجموع الحجيج الذي يصل عددهم لما يُقارب الثلاثة ملايين حاج غالبيتهم من كبار السن والعجزة ويتحركون في منطقة محددة وفي زمن محدد، وإن كنا لا نبرر ما وقع ولا نقدم له الأعذار، ولكنه هو الواقع الملموس والحقائق الثابتة، فالحج محفل عظيم وجموعه عظيمة.

وما نراه ونتلمسه ويشهد به القاصي والداني والمحب والكاره والأصدقاء والأعداء، أن حكومة خادم الحرمين لم تألوا جهدًا في تقديم كل ما في وسعها من إمكانات وطاقات؛ لخدمة وسلامة وراحة حجاج بيت الله.

والمشاريع التي أقامتها الدولة ولا تزال تقيمها من خيام مضادة للحرائق وجسور للجمرات وقطار للمشاعر وتنظيم للحشود إلا نتيجة لكوارث وقعت من قبل بسبب تزايد أعداد الحجاج، وتم تلافي الكثير منها بعد اكتمال تلك المشاريع ومساهمتها في تيسير حركة الحجاج وتأمين مساكنهم.
وترصد الدولة الميزانيات الجبارة؛ لتطوير مناطق المشاعر لكي تجعلها مستعدة لاستقبال الحجاج وتوفير أقصى درجات السلامة فيها.

ولا يشكك عاقل ومنصف في قدرات وكفاءة حكومة المملكة العربية السعودية في تنظيم الحج ورعاية حجاج بيت الله، والنجاحات الكبيرة التي حققتها على مدار عقود من الزمان في هذا المجال، ولن ينتقص أحد من جهودها المشهودة إلا عدو أو مكابر أو صاحب هوى، ولن تحابي قيادتنا أحد إن وقع منه تقصير في أداء المهام المناطة به وهذا المنتظر منها.

مسؤولية نجاح موسم الحج مسؤولية مشتركة بين جميع الدول التي يفد منها الحجاج وبين حكومتنا، ولا بد أن تضطلع جميع الدول بدورها في توعية مواطنيها بمناسك الحج وحركة الحجاج بين المشاعر، وقد نجحت بعض الدول في ذلك والتجربة الماليزية تستحق التعميم، خاصة لبعض الحجاج الأفارقة الذين يعتمدون على القوة البدنية في أداء المناسك فيتسببون أحيانًا في إيذاء الآخرين. حتى ولو اضطرت دولتنا لعمل دورات مكثفة في تلك الدول للقادمين للحج والمساهمة في توعية الحجاج بما يخدم سلامتهم وأمنهم.
من يعمل يخطىء لا نشك في ذلك، ولكن بدون مزايدة على دور السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى