المقالات

تجنب معوقات الإبداع !

تجنب معوقات الإبداع !
د. محمد خيري آل مرشد

[JUSTIFY]المفكرون والمبدعون قرروا التغيير, قرروا تغيير شكل ومضمون الحياة، وذلك بالمشاركة الفعلية في صنع الحياة الأفضل للجميع، ولم يرضوا بما وجدوا عليه أو ورثوه عن آبائهم الأولين، فبعضهم كان سببًا في تغيير في نمط الحياة وشكلها إيجابًا لكل الأمم، وبعضهم ساهم في تقدم مجتمعه الصغير أو الكبير وهكذا، درجات حسب نوع وجودة وعالمية أو محلية أو خصوصية إبداعاتهم .. فمساهمات هؤلاء من المبدعين الذين لم يرضوا عن الواقع الذي وجدوه وعاشوا فيه فقدموا جهودًا غير عادية راغبين في واقع جديد أفضل، فاكتشفوا الكثير وغيروا الواقع بواقع آخر أجمل ننعم به اليوم، ولا شك بأن القادم أجمل وأفضل بإذن الله .. إلا أن أمام كل إنسان طموح معوقات ومطبات يجب معرفتها وتشخيصها وتجنبها؛ لكي لا تتسبب له بالانكسار والاستسلام والتخلي عن مسار الحياة الأفضل.
فمن المعوقات الأولى أمام أي إبداع، عدم الاكتراث بالتعليم والتعليم المتواضع وعدم تشجيع التحصيل العلمي، وهو أول ركيزة يعتمد عليها أي إبداع فكري أو علمي عملي، فلا إبداع بدون علوم وإن الجهل هو العدو الأول للإنسان وتقدمه ورقيه فأينما وجد الجهل فهناك تجد الشقاء الإنساني، فالجهل هو عدو الحضارة الأول..إذن تكوين بيئة علمية حاضنة للإبداع هي أول مهمة لكل مجتمع يحترم نفسه؛ ليكون له مقعدًا بين الأمم الحضارية وهذه عادة من مهام الدولة توفير هذا المناخ العلمي المناسب.
تحديد السلوك الإبداعي عادة ما يبدأ في التفكير الإيجابي أم التفكير السلبي أي التفاؤل والتشاؤم فالمتفائل عادة ما يتوقع الجميل لنهايات أمور الحياة أما المتشائم فنهايات الأمور عنده دائمًا سيئة وغير ملائمة..والاعتقاد المتمكن من عقله هوان أي خطوة في أي عمل جديد هي مستحيلة وخطورتها بينة وخسائرها محققة وأن الكثيرين فشلوا بنفس العمل و..و..رغم أن تكرار المحاولة، بل الفشل أحيانًا هو أساس كل نجاح… فمن هذا التكرار السلبي الهادم يجب إيجاد أفكار إيجابية طاردة له وتجنب السلبيين من الصحبة أيضًا والحديث لهم عن أي مشاريع؛ لأنهم جاهزون فطريًا لتكسير مجاديفك..والعجيب أن هؤلاء يمتلكون قدرات فكرية سلبية هائلة وطاقات سلبية كبيرة لو أنها وظفت إيجابًا لأفلحوا ولما كانوا عائقًا بطريق من حولهم أيضا..فهؤلاء مجبولون على التشاؤم والشك في أي نتيجة إيجابية ممكنة فتجنبهم والغسل منهم لهو واجب فكري ..فالأجدر مصاحبة أهل الهمم وأولئك الذين لديهم نظرة مشرقة للمستقبل.
كما أن أحد العوامل الهادمة للطموح والمكسرة لدرجات سلم النهوض، عدم الثقة بالنفس والانتقاص من قدرتها على تحويل الأحلام إلى أهداف قابلة للتحقيق وتحقيق الذات (طبعًا لا أريد الخوض في أسباب عدم الثقة بالنفس والتي تحتاج لعمل مخصص)، كما أن الخوف من استهزاء الآخرين والإصغاء لانتقاداتهم والاكتراث كثيرًا بمواقف الآخرين الساخرة والسلبية والمحطمة أحيانًا، بسبب الأفكار الغريبة وغير المألوفة الذي يقدمها المبدع على غير عادة من هم حوله, تؤدي إلى وهن في العزيمة وتثبيط الهمة .. التردد في اتخاذ القرار والخوف من الفشل هو أحد أهم إن لم يكن العامل الأول في عدم تقدم الأشخاص في مشاريعهم حتى الصغيرة منها وكذا الخوف من فقدان ماهو في اليد (مثلًا عملهم الحالي, المثل الهدام: عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة) لانتظار ما هو غير معلوم النتائج حسب حساباتهم عادة الطاردة للأحلام، وهم أبدًا غير مستعدين بتضحية غير المهم هذا؛ بل العائق هذا لأمر قد يغير حياتهم كليًا إلى الأفضل.
العادات اليومية السيئة من استيقاظ متأخر وسهر طويل لا يخص العمل والعمل الفوضوي وعدم الانتظام في العمل والتأجيل والتسويف، وكذلك إرهاق النفس وإجهادها جدًا بدون فواصل راحة وفواصل تأمل أيضًا, والرفقة السيئة ورفقة الجهلاء وهكذا، كل ذلك لا يمكن أن تكون له الثمار الطيبة، كما يجب ذكر أهمية وضرر التمنع عن السؤال والبحث عن المعلومة المفيدة وعدم الاكتراث بما وصل إليه من معلومات تخص مشروعه أو إهمالها وعدم تدوينها وتوثيقها وتنسيقها وتصنيفها للاستعانة بها عند الحاجة.
فالركون للواقع والرضا به أساسًا غير قابل للتغيير كما يكرر النمطيون، والسير على فرضيات نمطية سائدة والخوف من أى تغيير خوفًا من المجهول أو مما يحمله المستقبل الغامض لهم, هو أقصر طريقًا للانهزام الفكري والإبداعي، في الحقيقة هم غير مستعدين للعيش في النور؛ لأنهم تعودوا الظلام وأيضًا غير مستعدين لتقديم ثمن أى تغيير.
ليس عليك أن ترث إرثًا عظيمًا لكي تكون مميزًا, لقد ميزك الله سبحانه عن باقي الناس جميعًا بصفات وميزات لا توجد إلا عندك، ولا يتصف بها غيرك .. فخواص عقلك مميزة وخواص حبك مميزة وابتسامتك مميزة وحتى غضبك مميز, وهكذا كل ما تختص به فهو مميز لم ولن يختص بها غيرك, واعلم أنك فريد في هذا العالم, استثمر ما ميزك به الله سبحانه من اختلاف عن الآخرين، اجعل من هذا الاختلاف ميزة لك تميزك عنهم…. لا تستهين بكنزك الذي لا يُقدر بثمن فهنا تكمن قيمتك الحقيقية.. فلتكن ضربات فرشاتك مميزة في رسم لوحة حياتك. فكشف الموهبة وتسخير الإمكانات لها وتركيز الجهود عليها وتجنب كل ما قد سلف وغيره من معوقات الإبداع قد يخلق منك مبدعًا حقيقيًا.. اعمل بقاعدة اعمل أولًا ما يجب وثانيًا ما تحب، مفيدة للغاية في حصول التقدم النوعي الدائم..[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى