نبيه العطرجي

خمسون

وأشْرقت شَمس العَام الجَديد 1437هـ يَوم الخَميس المبَارك الذَي تُرفع فِيه أعمَال العبَاد لربِهم رَوى عنْ رسُول الله صَلى الله عَليه وسَلمأنّه قَال : ( إنهمَا يومَان تعرَض فيهُما الأعمَال عَلى الله ، وأحبْ أنْ يعرَض عمَلي وأنَا صَائم ) .
فَهنيئاً لمَن أستقبل أوَل أيَام السَنة الهجْرية بنَفس صَائمة .
ولنَا أنْ نتأمّل كَيف سَقطت ورَقه مِن شَجرة أيَام العُمر بَعد أنْ أنقَضى يَوماَ بَعد يَوم دُون رجُوع ، ونقُصت أعمَارنا مِن دَائرة أيَامالسنِين .
فالحيَاة تَسير عجلتهَا دُون تَوقف مهمَا كَان الأمْر .
وبإشْراقه شَمس اليَوم الأوّل مِن العَام أفِل عُمر الشبَاب ، وبَدأ العَد التنَازلي لأيَام مرْحلة مَا قَبل العَقد الأخِير مِن عُمر الحيَاة، ومَع بِداية دَائرة مَرحلة النضُوج العَقلي الكَامل التِي مَع مُرور أيَامها ستَختلف بطبِيعة الحَال تعَابير الوَجه ، ويَنموا شَعر الوقَار ،وتَبدأ الصِحة فِي الإنحدَار ، ويَكون الكَلام حِكم نتِيجة تَجارب فِي زَمن الحيَاة الماضِية قضينَاها ، فكَان عَلى النَفس لزُوماً أنْ تُحاسب نَفسها قَبل أنْ تُحاسب مَا دَامت الفُرصة سَانحة ، ونَستلهم الدرُوس والعِبر ممَا فَات .
قَال عَليه الصَلاة والسَلام :  أغتنِم خمساً قَبل خَمس: شبابَك قَبل هرَمك ، وصحَّتك قَبل سقمَك ، وغِناك قَبل فُقرك ، وفرَاغك قَبل شُغلك ، وحيَاتك قَبل مَوتك ) .
فمَا بَقي مِن الأيَام فَوق ثَرى الحيَاة الفَانية أقّل بقَليل ممَا رَحل مِن أيَام العُمر القَادم ، وتَرتيب الأوْراق المبَعثرة لأيَام وسَنوات مَضت وأنْقضت لَا يُفيد ، ولَا يُعيد الماضِي بجمَاله وآلامُه، وجَدولة أوْلوية مطَالب الحيَاة لتحقِيقها لَا يَكفيه الزَمن البَاقي مِن سنوَات الحيَاة .
فالأيَام القَلائل القَادمة أيَام يَنبغي تَقويم السلوكْ فِيها ، والإكثَار مِن النَوافل فِيها ، وإغتنَام فُرص الخَير الآتِية ، وجَني ثمَار الأعمَال الصَالحة مِن مَواسم الخيرَات القَادمة لتَكون أيَام صَلاح ، وصَحائفنا بالحسنَات مَليئة ، فالنَفس الفَانية قَاربت عَلى
ودَاع الدُنيا والرَحيل منهَا بَعد ولوجْ العِقد الخَامس مِن العُمر .
فالرُوح لَا تَدري متَى مَوعد لحظَة الودَاع ! وكَيف ستَكون ! وأيْن !اللهُم أقسِم لنَا مِن خَشيتك مَا تبلغنا به جنتك , ومِن اليقِين مَا تهونْ بِه عَلينا مصَائب الدُنيا ، ولَا تجعَل الدُنيا أكبَر همنَا ولَا مَبلغ عِلمنا ، ولَا تسَلط عَلينا مَن لَا يرحمنَا .
وكُل عَام وأنتُم بخِير ،،،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى