الأحداث التي تشهدها المملكة في هذه الفترة سواء في الداخل أو الخارج والتي ترتبط بنا مباشرة تحتاج إلى خطاب ثقافي إعلامي يوافق المرحلة التي أسميها “الحرجة جدًا”. خادم الحرمين الشريفين تحدث للمثقفين ورجال الإعلام بصراحة، وطالبهم بالحديث والتواصل مع أصحاب القرار، وفي ذلك إشارة لرغبة الملك بإتاحة الفرصة لمعرفة الرأي الآخر، وأوضح أن الأبواب مفتوحة لمن يريد أن يُبدي رأيًا أو لديه مايقوله في هذا اللقاء. وفي رأيي هذا له أهمية بالغة، وكأن الملك التقى بالمثقفين ورجال الصحافة والإعلام وهم الذين يمثلون الأنموذج للفكر وإبداء الرأي؛ ليقول أود أن أسمع وأقرأ ماتريدون قوله. لم أشعر أن وزارة الثقافة والإعلام تساير وتتفاعل مع الأحداث واعتمادًا على حديث الملك يبقى السؤال لوزير الثقافة والإعلام أين أنتم من الدور الثقافي والإعلامي والتفاعل مع الأحداث ؟! وإن كان إعلامنا هو كما عرفناه لاتجد حتى في الأحداث ماينبئ بجديد عدا بث الأخبار وبرامج لاعلاقة قوية لها بالأحداث مع ضعف شديد في إعلامنا الخارجي. وكأن وزارة الإعلام تسير على أسس لاتريد أن يطرأ أي جديد عليها، كلمة الملك قذفت بالكرة لدى الإعلام ووزارته والمؤسسات الصحفية التي لاتزال بعضها أو أكثرها يتردد عن الحديث المطلوب. واليوم لن نقبل أن هناك تعليمات أو ضوابط، وقد مضى الزمن الذي عشنا فيه بعيدين عن الحدث والإجابة “التعليمات”.
إننا نريد أن نعيد صياغة السياسة الإعلامية وإن تأخرنا؛ لأن الإعلام توقف أو هو لم يبدأ حتى يقول مايتفق مع قيمة وقوة المملكة التي تحققت بالإنجازات الدبلوماسية والسياسية؛ لكن إعلامنا لازال في موقف المتفرج!! أين إعلامنا ممايدور في اليمن ؟ أين هو مما يدور في سوريا والعراق ومصر ؟ أين إعلامنا مما تواجه المملكة من إرهاب ؟! هل دور الإعلام نشر الخبر والبيانات ؟ لا، فإن للإعلام الدور الذي يتعدى ذلك، ويدخل في توعية وثقافة المواطن في الداخل ونقل الصورة القوية عنا للخارج، والبعد عن الصياغة وأسلوب نقل الخبر، وكأن مهمة الإعلام كما هي قبل ثلاثة عقود، واليوم أصبح نقل الخبر أسرع من أي وزارة إعلام يعرفه الناس بعد وقوعه بدقائق، بل فور وقوعه فنحن نريد إعلامًا يتعدى دور الخبر إلى مابعده، نريد إعلامًا يتفاعل مع الحدث لا إعلامًا مقيدًا لنفسه . نريد تفعيلًا للملحقيات الإعلامية ونريد إعلاما يعرف بالتقدم والإنجاز السعودي، نريد إعلامًا يبث معلومات لاتجعل المواطن والمقيم في بلادنا يعرفها من مئات القنوات الخارجية لحدث حصل في بلادنا؛ الأمر الذي يعطي الفرصة لأن يقال عنا وعن بلادنا، ونحن لازلنا كمانحن اللهم إلا إذا بث الإعلام بيانات تتعلق بالأحداث الأمنية في الداخل، لكننا في الخارج لايعرفنا أحد إلا من خلال أخبار دبلوماسية أو اقتصادية، لكن عدا هذا نترك لهم الفرصة؛ لأن يقولوا ويكذبوا عنا، ونحن هنا لانعبأ بشيء.
اليوم الإعلام حدث فوري مقنع، ورؤية واضحة، ومتابعة لما يقال عنا، والعمل على توضيح الصورة لما يجري لدينا؛ لأن الصمت يعطي الفرصة لأن يقال عنا مايريدونه لامانريده نحن؛ فإن ثقل المملكة الديني والسياسي والاقتصادي يحتاج إعلامًا متطورًا، إعلام مهني لا إعلام أحاديث لم تعد ذات جدوى اليوم، نريد رجال إعلام لهم وجودهم ومهنيتهم في البرامج وفي نشرات الأخبار، وفي الحوارات الثقافية وكل مانبثه عبر الشاشة والأثير ولايمكن ذلك إلا بالاستعانة بخبرات إعلامية ومتخصصين في كامل الجهاز الأعلامي؛ فهو لم يعد وظيفة هو صناعة وهو قدرة وهو إمكانية وهو استغلال الفرص، وأسأل القائمين على الإعلام أين نحن من المواد الأخبارية المضللة عن بلادنا ؟! أي منافسة قدمها إعلامنا مع قنوات تبث على مدار الساعة، مضى زمن الترفع والصمت نحن في زمن الكلمة الصادقة التي تأتي في وقتها نحتاج لأن نوظف رجال إعلام أصحاب علاقة بالمهنة في جهازنا الإعلامي؛ فنحتاج أن نبدأ؛ لأننا تأخرنا كثيرًا ومالم نعمل بسرعة وفق آلية صحيحة وجادة سنبقى كما نحن نبث أخبار اللقاءات والمناسبات وأخبار الطقس، وعندها لايحق لنا أن نقول أو نرد على من يتحدثون ويعلقون على مايجري في بلادنا؛ لأننا تركنا الفرصة بوجود إعلام سبقته الحركة الإعلامية الضخمة بمراحل؛ فهل نلحق بهم ؟! وهل يمكن أن نبدأ ؟! أو نبقى في الانتظار ؟!
مقال رائع بكل المعايير .. دفعت به إلى الترجمة وإعادة النشر، إن أستاذ الحسيني …