حُلم مُنذ عِدة أعوَام أعِيش أحدَاثه قُبيل شُروق شَمس كُل يَوم عِندما كنْت أرَى صغِيرتي مَودة فِي كُل صبَاح تَرتدي مَريول المدْرسة مُنذ المرحَلة الإبتدَائية أنْ أرَاها تتزَين بفستَان الفَرح الأبيَض ، وهُو حِلم وأمنِية كُل أبْ وأمْ . ومَرت أيَام العُمر ، وأنقَضت السنِين وصغِيرتي بَاهرة الحُسن والجمَال يَوم بَعد يَوم تَكبر أمَام نَاظري حتَى غَدت فتَاة كَاملة الأنُوثة ، وأصبَحت بنضُوجها قِبلة الأنْظار حُسناً وسَجية ، ولَا زَالت بُنيتي وبَهجة أنْسي فِي عَيني صَغيرة لمْ تَكبر رُغم بلوغهَا العِقد الثَاني مِن العُمر . وقَد كُنت أسألْ نَفسي كُل ليْلة فِيما مَضى مِن أيَام العُمر : كَيف سيَكون شُعوري فِي ليْلة فَرحها ! حَيث ستُفارق برضَاها ورضَانا بيتاً ألفَته ، وعَاشت طفُولتها فِيه ، وأخواناً نَشأت بينَهم ، وحنَاني وأمهَا الذَي تَربت فِي كنَفه . الجُمعة الأوَل مِن شَهر صَفر لعَام 1437ه بفَضل مِن الله تعالى وكَرمه تَحقق فِيه حِلم عُمري الذِي أنتَظرته مَا يقَارب العَقدين مِن الزَمن ، وجَاءت لحْظة الحقِيقة التِي كُنت أعِيش أحْداثها فِي حُلم اليَقظة كُل ليْلة ، وأغُوص فِي بَحر أحْداثها الجمِيلة بأنْ أرَاها تُجمِل فسْتان الفَرح الأبيَض بجمَالها الطَاغي بزفَافها مِن فَارس أحْلامها المهنْدس/ حَاتم الفَريد . فلَيلة زفَاف ( مَودة ) ليْلة ليسَت كبَاقي ليَالي أفْراح العُمر التِي عِشتها ، فَهي ليْلة فَرح مُميزة فَريدة لَا مثِيل لهَا فِي ليَالي عُمري التِي مَضت ، مَع أنّ حُزن الفَرح فِيها طغَى بقُوة العَاطفة . ليْلة فَرح ( مَودة ) أحْلى ليَالي حيَاتي عِشت فِيها ذَاك الشعُور الذِي كُنت أتخَيله ، فَقد كَان شُعور غَريب الأطْوار خلِيط بَين فَرح ، وخَوف ، وقَلق ، وحُزن ، ورجَاء . وسَألت نَفسي فِي ليْلة زفَافها وحَولي المحبِين : كَيف سَتودعنا بُنيتي صَغيرتي مُهجة فؤَادي ( مَودة ) فِي ليْلة فَرحهَا ! فِي ليْلة لَا حُزن فِيها ولَا كَدر ، رغُم أنّ الدمُوع لَا يُمكن للعَين إخفَائها . حقِيقة صَعب عَليّ أنْ أصِف شِعوري فِي ليْلة أعِيش أحدَاثها لأوَل مرة ، وصَعب وصَف كَيف كَان ودَاعها لنَا ، وكَيف كَان ودَاعنا لهَا ، وهِي تُغادرنا بحِفظ الله ورعَايته بِرفقة زَوجها ورفِيق حيَاتها القَادمة إلَى دَارهم . اللهُم وفقهُم ، وأجعَل الألفَة والموَدة والمحبَة دَائمة بينَهم، وأحفَظهم بِحفظك ، وأرعَاهم بِعينك التِي لَا تنَام ، وأجعَل السَعادة تُرفرف عَلى حيَاتهم مَا تَعاقب اللَيل والنهَار ، وأبعِد عَنهم كُل عَين حَاسده ، وأرزقهُم الذريّة الصَالحة .
0