عبدالله منور الجميلي

جــدّة تغرق لاتعتذروا بالمعاصي والـقَـدَر !

( ضَـمِــير مَـكّــي )

(سِـيْـرَاليون) دولة تقع في جنوب قارة أفريقيا، تُـمَـزّق أوصالها في غالب الزمن الانقلابات العسكرية والصراعات الأهلية، وهي دولة فقيرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني ، وشعبها يعاني البؤس والشقاء!
في عاصمتها (فِـرِيْـتَـاون) عِـشتُ شهرين في سنتين متواليتين؛ وحينها كان موسم سقوط الأمطار التي تنهمر من السماء وكأنها (نافورة العزيزة جـدّة)، وهذا يستمر لأيام متواصلة؛ والنتيجة ورغم الفقر وضعف الإمكانات إلا أن الحياة تمضي طبيعية والناس تُـمَـارس حياتها دون عناء!!
فمياه الأمطار تجري فرحانة من خلال فتحات في جانب الطرق متجهة إلى البحر، دقائق مِـن توقف المطر؛ فلا ترى مستنقعات أو بِـرَك من الماء؛ وذلك التخطيط والتصميم ودقة التنفيذ إنما هو من بقايا الاستعمار الانجليزي المعطاء !!
أما (جـدّة) التي تحتضنها بلد البترول والخيرات، وتنفق فيها وعليها المليارات؛ فإنها تغرق، نعم تغرق من مجرد قطرات ؛ فلماذا ؟!
* أرجوكم لا تعتذروا بالمفاجأة ؛ فالأرصاد رصدت الأمطار وبشرت فيها وأنذرت بقرب الأخطار !
* تكْـفُـون لا تلقوا بالتهمة على غزارة المطر ؛ فأمطار ( فِـرِيتَـاون ) شهادة براءة لمَـطَـر ( جـدّة ) يا بشَـر!
*أسألكم بالله لا تقولوا إنه القضاء والقدر؛ نعم نؤمن بالقضاء والقدر لكن ما يحدث في ( جـدّة وغيرها) من صُـنْـع البشر ، وليس القَـدر ، واسألوا إن شئتم أهل سيراليون عن المطر والإيمان بالقَـدَر !
* أناشدكم لا ترددوا أن المعاصي خَلَـقت هذا الوباء؛ فأهل جـدة هم أبرياء ؛ وفي ( فريتاون ) مسلمون، ونصارى وعَـبَدة وَثَـن، وأمطارهم عَمَار؛ لا غَـرق فيها ولا دمار !
*أتوسل إليكم لا تفتحوا نوافذ الاعتذار لأولئك الفاسدين، وتقولوا: إنه ابتلاء ؛ فالضحية وطن طَـاهِـر ، ومواطنون طيبون ومساكين !
* إذا أرتم معرفة أسباب غرق (جــدّة وأخواتها)؛ فأبعدوا إشارات الاتهام عن القضاء والقدر والمطر؛ وابحثوا عن ذلك الفساد الذي جعل ( جـدّة وشقيقاتها ) في دائرة الخطر !!
* فَـسَـاد مَـن قبض المقسوم وسمح (للهوامير إياهم…) في صناعة الأَحياءِ والمخططات في بطون الأودية دون وسائل لتصريف المياه؛ فالمهم بَـيْـع المخطط ؛ ولِـيَــذهب مَـن يسكنه غير مأسوف عليه لقاع البحر !!
* فـسَـاد من خطّط للمشروعات وأرسى تنفيذها على مؤسسات (الهوامير إياهم) بمئات المليارات؛ التي صبّت في حساباتهم؛ أما المشروعات فنفذتها مؤسسات الباطن الصغيرة بأقل المواصفات والمقاييس؛ وذلك حقها أن تأكل مِـن بقايا تَـرَكَـها (الهوامير) !
* فَـسَـاد مَـن استلم تلك المشروعات، وباركها، وصادق على دقة تنفيذها وسلامتها بعد أن أصابته بعمى الألوان رُزْمَـةٌ من الأوراق النقدية !!
ومكافحة ذلك الفساد تتطلب (عاصفة حَــزم جادة) لاتنتظر (نَـزاهَــة)؛ بل تنطلق عاجلاً وتبدأ بإعلان نتائج التحقيقات السابقة، ونصب المشانق للمتورطين؛ ومعاقبتهم على ما جنته أيديهم في حَـقّ وطننا، وعلى ما أهدروا من مليارات؛ فـمَــن قال: إنّ ما فَـات قَــد مَـا مَــات!!
أيضاً يجب إبعاد (الهوامير المعروفين) عن المناقصات؛ والأهم أن يتولى التخطيط والتنفيذ أصحاب العقول السليمة من الصينيين واليابانيين ؛ أما خبراؤنا الفاشلون فيكفيهم فخر الصناعة المحلية (تركيب السيارة الحلوة ” غَــزَال “) التي لم تظهر ولن تظهر أبداً !
أخيراً فضلاً استبدلوا (جَـدّة) بـ (تبوك، مكة المكرمة، الرياض، و … ، و… ) فالفساد عندنا لا مدينة له، والبنية التحتية لمعظم مُـدننا تبدو هَـــشّــة؛ فمتى تنطلق عاصفة حَــزم الحرب على الفساد؟!

Related Articles

2 Comments

  1. قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم :اذا ضيغت الامانة فانتظر الساعة قالوا:وما اماراتها؟ قال: اسناد الامر الى غير اهله.

  2. على المقال عدة ملاحظات يهمني منها الآتي :

    قول الكاتب ( من صنع البشر وليس القدر ) خطأ ظاهر وزلة واضحة فصنع البشر من القدر

    دندنة الكاتب على أن المعاصي ليست سببا للمصائب مخالف للشرع و لا ننس قوله تعالى ( قل هو من عند أنفسكم ) وغيرها من الأدلة واستشكال أن الكافر لا يصاب خطأ آخر فوقوع الوعيد له شروط وموانع في الشخص المعين ، وهذا لا يقدح في قاعدة أن العقوبة الدنيوية نتيجة للمعصية والعلم بالتعلم

    هذا ما عندي الآن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button