عبدالرحمن الأحمدي

وزارةَ الإسكان..دَعِي ما يَرِيبُكِ إلى ما لا يَرِيبُكِ

في مقطع كوميدي لممثِّلٍ خليجيٍّ معروف، يتناول حلَّ مشكلةِ الإسكان، وفي دقيقتين فقط تمكَّن من خلالها تقديمَ الخُطواتِ اللَّازمة، ومؤكَّدٌ بأنَّ الكوميديا السَّاخِرة أو فنَّ الكاركاتير يعتمد على المبالغة الكبيرة في تصوير الحدث أو المشكلة؛ وذلك لسرعة إيصال الفكرة والتَّأثير للمتلقِّي عمومًا، وبعد هدوءِ عاصفة النَّقد، أو السُّخط الاجتماعي لكلمة وزير الإسكان المشهورة في أحدِ المنتديات الاجتماعية حول أهمِّيَّة وجود الفكرلحلِّ أزمة الإسكان، وما صاحبها من تَبعاتٍ ما بين الغضب والتَّندُّر، وأنا هنا سأُحسِن الظَّنَّ في هذه الوزارة وفكرِها المبجَّل، بل وأذهب أبعد من ذلك إلى تقديم العذر عن سوء الفهم الحاصل أصالة عن نفسي، وأظنُّ غيري سيفعل ذلك أيضًا؛ إذا تحقَّق المرجو للمواطنين من تحقيق أحلامهم المشروعة على أرض الواقع لا على طيف الفكر، وعلى الوزارة أن تُثبت منطقيًّا وعمليًّا: أنَّها تستطيع القيام بالأعمال الموكَلة عليها حقًّا، وتحقيق الأهداف المأمولة، والتَّحدُّث للرَّأي العام بشفافية عن الصُّعوبات والتَّحديات إن وُجدت؛ حتَّى لا تَؤُلَ الأمور أو تَطغى التَّفسيراتُ السَّلبيَّة لدى الجميع، ويُتَرجَمَ ما يحدث على غير ما يكون، خاصَّة والتَّأخُّر المزعج في البدء في التَّنفيذ، أو أن تُظهِر عجزَها وبكلِّ شجاعة عن صعوبة إجراءات تنفيذها للمشاريع السَّكنيَّة للمواطنين؛ لوجود العديد من العقبات التي تحول دون الإنجاز، والتي قد لا يُدركها المواطن البسيط صاحبُ الفكر المتواضعِ، ورحم الله وزارة عرفت قدر نفسها.

يقول المحامي ماجد محمَّد قاروب عن ذلك في صحيفة (عكاظ) العدد (17982) في مقال عنوانُه “نَعَمْ السَّكَنُ أزمةُ فكرٍ”: ((والدَّولة والقيادة رصدت (250) مليار منذ (5) سنوات، وأقرضت عبر صندوق التَّنمية أكثرَ من (800) ألفِ قرضٍ سكنيٍّ .. منذ أن تمَّ تأسيسُ الوزارة أخبرت وزيرُ الإسكان أنَّ السَّكنَ يحتاج إلى وزارةٍ استثنائيةٍ في قُدرتِها على إنجاز هذه المهمَّة الاستثنائيَّة لإنشاء (500) ألفِ وحدةٍ خلال (5) سنوات عوضًا عن (800) ألفٍ خلال (40) عامًا، وأن تخرج عن عَباءة وزارة الماليَّة ونظامها المالي … ذلك النِّظام المتسبِّب في كثير من أوجه الفساد المالي .. والفساد الإداري والذي لم تتمكَّن جميع الأجهزة الرَّقابيَّة في معالجته والحدِّ منه بما فيها هيئة مكافحة الفساد بكلِّ ما تمتَّعت به من دعم حكومي وإداري وتنظيمي ومالي)).

وحقيقةً لن أتحدَّثَ عن تجَارِبَ ملموسةٍ لدولٍ قارِّيَّةٍ أو عالميَّةٍ، ولكن ـ ولله الحمد ـ على ثرى بلادنا مشاريع مشابهة كبرت أو صغرت لا يهمُّ، المهمُّ الاستفادةُ من آلية التَّنفيذ، والاستفادةُ من الخِطَط والبرامجِ الموضوعة، فهذه المدن الصِّناعيَّةُ للهيئة الملكيَّة في مدينتَي الجبيل وينبع، وهذه المساكن في القواعد العسكريَّة بوزارة الدِّفاع في مختلف المدن، ومساكن وزارة الحرس الوطني، وغيرها من المشاريع، لو انتظروا الفكر المزعوم لما بنوا غرفة واحدة.

وعودًا على بدءٍ آملُ من وزارة الإسكان العملَ فعليًّا بإخلاص النِّيَّة لله أوَّلاً، ومن ثمَّ تُسارِعُ الإنجازَ وجودته، فالجميع أصابهم السَّأمُ من الوعود المُملَّة؛ وكأنَّها: (مواعيدُ عُرقُوب).. والتي حُفظت من كثرة ترديد نغماتها، ولا أقول إنَّهم وصلوا إلى مرحلة بلوغ اليأسِ والمستحيل، ولكن قد يكون هناك بالفعل ومضة أمل بسيط؛ يتعلَّقون به، فأحلام البُسطاء يا وزارة الإسكان غير مكلِّفة، ولكن يبدو أنَّها غيرُ مرغوبة!!..

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى