المقالات

كعكة الشرق الأوسط

مازلت مصرا علی أن منطقة الشرق الأوسط تمر بمخاضات خطرة وتداعيات مرعبة ، تقابل أمريكا وروسيا في سوريا ليس من باب الصدفة ، ومن البديهي أنه ليس من أجل القضاء علی داعش حتی ولو زعموا ، أمريكا لها أجندتها وأهدافها وروسيا كذلك ، القوتان حاليا متفقتان علی أن وجودهما في سوريا هو لهدف واحد وهو محاربة داعش ، ولكن السيناريو الحقيقي ليس كذلك ، فكل قوة منهما ترغب في الهيمنة والإمساك بزمام المبادرة واستعراض القوة .. بعد تفجيرات باريس الإرهابية اتضحت بعض معالم الخطة ، فأمريكا استقطبت فرنسا وبريطانيا وبلجيكا للإنضمام إليها ، بدأت فرنسا فعليا والبقية علی الخط ، في حين بوتن زار طهران وزود الإيرانيين بعدد 300 صاروخ وأتفق الطرفان استراتيجيا علی ملف سوريا وغيرها ، الرئيس الإيراني أعلنها صراحة وقال ( أمريكا وحلفاؤها يحاولون السيطرة الإقليمية علی المنطقة ولكن روسيا وإيران لن تدعهم يتمكنون من ذلك ) بدأت لهجة التحدي تطفو علی السطح من قبل الحلفين المتصارعين علی كعكة الشرق الأوسط ، وفي خضم هذا السيناريو المخيف ، المملكة العربية السعودية تبذل جهودا مضنية في سبيل تجنيب المنطقة حربا لا تبقي ولا تذر ، وسوف تستضيف الرياض في منتصف الشهر القادم مؤتمرا دوليا يضم جميع مكونات المعارضة السورية ، وبحضور أمريكا وروسيا وتركيا ، وذلك تمهيدا لمؤتمر جنيف القادم بشأن سوريا ، السعودية تبحث عن حل سياسي في سوريا علی أن لايكون للأسد أي دور فيه ، وأمريكا ودول الغرب يمضون في هذا الاتجاه ولكن علی استحياء ، بينما روسيا وإيران ومعهما بعض العرب الخونة يسيرون في الإتجاه المعاكس ، وهنا مكمن الخطورة ، اللعبة الدولية يتخللها أحيانا بعض التجاذبات للإتفاق علی نقاط ثانوية معينة ، ولكن تبقی النقطة الأساسية محل الاختلاف ..دعونا نترقب مؤتمر الرياض بشأن سوريا ، ونترقب أيضا مايحدث من تطورات في اليمن ، فإذا كانت النتائج إيحابية فقد يكون هناك انفراج في الصراع بشكل عام ، وإن كانت لاسمح الله النتائج سلبية فعلينا انتظار الخطوة الأكثر خطرا وهي الاختلاف الذي سيحدث في جنيف ، وهذا الاختلاف سيمكن الأسد وحليفيه الروسي والإيراني من قتل المزيد من السوريين ، وسيمنح القوتين العظميين مجالا للهيمنة المشتركة مؤقتا وصولا إلی تفرد إحداهما بقيادة العالم ، ولن يتحقق ذلك إلا بعد هزيمة ساحقة للطرف الآخر بعد أن يصبح الشرق الأوسط حطاما بين القوتين .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لقد أصبت كل اﻷهداف يا أبا وليد التي تفكر فيها القوتين العظميين في الشرق الأوسط كفانا الله شرورهم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى