اختناقات الشَّيخ.. والمفتونَ الجددُ

يُشعرُك بتمسُّكه بكلِّ القيم، يُشعرُك أنَّ صفاتِه سليلةٌ، تلكَ الْمُثل، يُشعرُك أنَّه صاحبُ الخلقِ الرَّفيع، والسَّمتِ المهيبِ، أمام الملأ .. وفي الجهر يختار حسن الكلام، ويصطفي دُرر الألفاظ، وينتقي أجمل الكلمات، ويستشهد بالجميل من البيان، وحين أوَّل اختبار واقعي، وحين أوَّل نقاش اجتماعي، يظهر على حقيقته، فتتأجَّل كلُّ الأخلاقيَّات، وتذوب جميع المبادئ، وتتبدَّل الصِّفات الحسنة إلى مثالب قبيحة، إنَّه على هيئته الأوَّليَّة، وروحه الأساسيَّة، عديم اللَّون، كريه المنظر، بلا حسٍ أو ذوق، يُخرِج من نفسه المتلوِّنة كِبْرَه البغيض، ورَداءَة فكره المعيب، إنَّه الأجوف البَطِر، إنَّه المختل العديم، إنَّه الشَّيخ المزور المسكين.

مشاركة في معرض الكتاب، وسط حضور تغشاه غياب،نحتاج مزيدًا من الثَّناء..نحتاج مزيدًا من الإعجاب..نحتاج مزيدًا ومزيدا من الأصوات؛ لنضمن تميُّزًا في الحضور، لنضمن مكانًا في المنصَّة الأماميَّة، فقليل فينا من يرغب الأماكن الخلفية في وسط مسرح الحياة، ويكمل من يأتي من مجتمع الذُّكور ليقول : لم أُشاهد ما يَخدِش الحياء، ولم أر ما يَجرح المشاعر، ويأتي ثانٍ ويقول: مسألة الصَّوت والصُّورة مسألة خلافيَّة، بل إظهار الوجه جائز، ونسي ما على الوجه من المساحيق المملة، والأصباغ الرَّتيبة، ويتكلَّم آخرُ إنَّ الموضوع أوسع فلا نكون ضيقي الأفق، فنحجِّر الفكر، ونقيِّد العقل..(قَدْ تُنْكِرُ العَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِنْ رَمَدِ .. ويُنْكِرُ الفَمُ طَعْمَ المَاءِ مِنْ سَقَمِ).أحسنتُم فقد أظهرتُم لنا حقائقَ جديدة، غير تلك التي نعرفُها في الإرث المقدس، هذا وقد دلَّنا الخالق حين نريد أن نسأل؛ نسأل مَن؟ نسألكم أم نسأل أهل الذِّكر؟ في حال إصدار حكم شرعي. تحياتي لكم أيُّها المفتون الجدد.

وفي معرض الكتاب، اختلط الغث بالسَّمين، واختلطت الطَّهارة بالبذاءة، أو كما قيل: اختلط الحابل بالنَّابل، تقدَّم من تمسَّك بما في الكتاب والسُّنَّة، والدُّستور الخالد، دستورُ هذا الوطن المبارك؛ فنصحَ وترجَّى أن لا تختلطَ الأصوات النَّاعمة، ذات الوجوه المكشوفة المتبرِّجة، بالمسامع والنَّظرات المتطفِّلة، فلم يُسمع، ولم يُفهم، ولم تُقدَّر تلك اللِّحية البيضاء، ولا سنين العمر القدير، ولا توسُّلات الأب لأبنائه، فكان خير طردٍ له، وشر طردٍ لهم لو يعلمون، وكان المغامسي صالح على الموعد فبشَّره أنَّ هذه الطَّردةَ ستكون له أثر في الجنَّة ـ بإذن الله ـ بعد رحمة وإنصاف العدل الحكيم، فأيُّ شرف ينتظره في يومٍ تجتمع فيه الخصوم، وأيُّ فخرٍ يرجوه، حينما يُقسِم يا رب طُرِدت من أجل كلمة حقٍ تفوَّهتُ بها أمام جمع من المسلمين..!! نعم جمع من المسلمين،وفي هذه الحياة الدنيا يتردد في مسامعي صوت يفوق العتاب.. صوت الأمير النايف حين رد على صحفي سعودي( أنا أأسف.. بصفتك مواطن سعودي أن يكون هذا مفهومك لأنه هذه الهيئات الموجودة ومنها هيئة الأمر بالمعروف هذه هيئات حكومية هيئات الدولة ، والدولة دولة الإسلام وستظل هيئة الأمر بالمعروف قائمة، مادام للإسلام قائمة في هذه الأرض..وستظل باقية وقائمة بأعمالها وكذلك مايمثلهامن مؤسسات) .