المقالات

مستقبل العمل الخيري (1)

“يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون”

العمل الخيري؟ تطويره، وتنظيمه ورعايته وحمايته وديمومته ، توثيقه من خلال استخدام نظم المعلومات الإدارية الحديثة ، ماهي أنظمة تخطيط الموارد “ERP”؟

يعرف أحد علماء الاقتصاد والادارة العمل الخيري أنه هو مجموع النشاطات المنظمة التي يقوم بها الأفراد والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي تهدف إلى تعبئة الموارد وصرفها بما يخدم فئات خاصة في المجتمع ، ثقافة العمل الخيري كيف نرسخها ؟ وكيف نُعممها؟

مستقبل العمل الخيري إلى أين ؟

يقول أحد الكتاب أخذت المؤسسات الخيرية تتنامى بطريقة سريعm

ة ولابد أن كثيراً من الشباب أخذون في البحث عن دور لهم في خدمة المجتمع، وإذا قارنَّا ما عليه أوضاعنا بما عليه أوضاع الأمم المتقدمة، فإننا سنجد الفارق كبيراً جداً ، فمثلاً في الولايات المتحدة هنالك أكثر من مليون ونصف مؤسسة خيرية ولا ربحية، ويبلغ عدد الذين ينخرطون في أعمال تطوعية، نحو ثلاثة وتسعين مليون متطوع، وهو يعادل ثلث سكان أمريكا – 2012م.

حتماً ونحن في عام 2015 فإن هذه الجمعيات اللاربحية زادت وربما تضاعف عدد المتطوعين، وفي بريطانيا أيضاً هناك الملايين من المتطوعين وكذلك الأمر في فرنسا والألمان وغيرهم من الأمم الأخرى.

ولم أستغرب حقيقةً عندما اكتشفت مثلاً أن الكيان الصهيوني يملك قطاعاً خيرياً ولا ربحياً ضخماً يفوق بعض الدول المحيطة به مجتمعة، فلك أن تتخيل أن لكل 175 شخص في هذا “الكيان” جمعية خيرية ترعاه في حين أن في بعض دول الخليج لكل 60,000 مواطن جمعية خيرية واحدة فقط.

إن الأعمال في عالمنا العربي والاسلامي بشكل عام وسواءً كانت خيرية “لاربحية” أو ربحية تعاني من العديد من المعوقات والصعوبات التي تعيق تحقيق أهداف وتطلعات ذوي الهمم العالية والقادة والمحسنين على حدٍ سواء.

إذن مما يعاني العمل الخيري؟

شاهدت حواراً لأحد فضلاء عصرنا هذا ممن له باع طويل في العمل الخيري وبراعة وذكاء فائقين في النشاطات التجارية أن له خمس محاور يرتكز عليها في حياته ويحاول تطبيقها قدر الإمكان في كل مناح أعماله وكان ينثر هذه الجواهر الخمس بطريقة عجيبة ويتكلم عنها بمنتهى البساطة والسلاسة في الطرح وأظن أنه يعلم جيداً أنها في منتهى منتهى الصعوبة إلا لمن يسرها الله له ويسره لها.

يقول هذا الوقور إن إخلاص النية وإن البحث عن الشريك وأن التنوع في الأفكار والمشاريع والبضاعة وأن السعي لقضاء حوائج الناس وأن الإنفاق مما يحب هي محاور حياته الأساسية التي يدور في فلكها، وقد صدق القول.

لم أتعجب من الشمولية في الفكر والإيجابية التي يتمتع بها صاحب هذا الفكر من حكمة وطموح وعلو الهمة وأعدت مراراً وتكراراً سماع هذا الحديث وأجد نفسي في كل مرة ألتقط خيطاً آخر يخبرني حكمة أو يلهمني فكرة أو لتزداد ثقتي بالله أكثر.

سألت إمام مسجدنا الفاضل عن إذا كان قد سمع عن هذه القواعد الماسية الخمس أم لا، فصدمني أنه قد كتبها فعلاً بورقة صغيرة وأصبحت رفيقة محفظته الشخصية وانه إذا أراد شحنةً دينيةً وحماسية أو إنسانية أو دعوية أو فكرية فتح المحفظة وقرأها بشكل مختلف عن ذي قبل.

إن إخلاص النية لله وحده فيما يُزمع المرء القيام به والنجاح في قيادة هذا النوع من الأعمال بتطبيقه بشكل مفيد يؤسس لفكرة إيمانية عميقة، ذلك أن هذا الإخلاص يجب أن يتحلى به من يريد بعمله هذا وجه الله فقط ولا يريد تزلفاً ولا أن يرائي الناس، وهذا الإحساس بالرضا العميق والسمو بالروح لدرجة إيمانية عالية وصدق العلاقة بين الإنسان وربه وتوجه الإنسان بعمله لله وحده، يؤكد على ضرورة وجود هذا المحور ضمن قواعد التوفيق لما يحب الله ويرضى من عمل وأنه عنصرٌ مهمٌ في حياة هذا النوع من الإعمال فبدون الإخلاص لا خير في العمل.

إن القادة العظام وأصحاب القرار البارزون هم الذين يملكون تأثيراً أكبر في الفهم وقدرةً عاليةً على التحليل والدراسة وكما أن لديهم جرأةً في استكشاف القضايا والمشاكل الاجتماعية ودراستها وعرضها والمناقشة في ايجاد حلول عاجلة لمشاكل المجتمع وبالذات في هذا النوع من الأعمال “الخيري” وهم يعلمون جيداً أنه يعاني مثلاً عدم الترابط أو الضعف الشديد بين المؤسسات الخيرية، وأحياناً الانقطاع التام بين محاور هذا العمل الأساسية يسبب بطءً وصعوبةً في نجاح هذه الأعمال وأنه بات أمراً ملحاً أن يتم تفعيل الربط بين المنظمات والهيئات الخيرية اللاربحية بعضها ببعض أولاً ومن ثم ربطها بالمنظمات الحكومية/مراكز الأبحاث/المالية/المدنية وغيرها بشكل “تكاملي” مما يجعل من عامل “الوقت” مثلاً عنصراً أكثر تأثيراً في نجاحها.

– ضعف المتابعة لهذه الأعمال نتيجة لعدم توفر المعلومات أو البيانات أو الآليات أو الإجراءات أو الأساليب والطرق التي تُمكن أصحاب القرار الوصول إلى المعلومة اللازمة في الوقت المناسب واللازم مشكلةٌ كبرى وأنه بات أمراً ملحاً الحديث عنه.

– ضعف التركيز والتشعب في النشاطات الخيرية المختلفة بدون تنظيم أو ترتيب مشكلةٌ كبرى أيضاً وأنه بات أمراً ملحاً الحديث عنه.

– ضعف التخطيط والبرمجة والتوقع والاستقراء أيضاً مشكلات أخرى وأنه بات أمراً ملحاً الحديث عنها.

– ضعف أو نقص المورد المالية وعدم ثبات مصادرها وعدم استقرارها مشكلة أيضاً وأنه بات أمراً ملحاً الحديث عنه.

– عدم تحديد الأهداف وضبابتيها بات أمراً ملحاً الحديث عنه.

– ضعف أساليب وطرق التوثيق والعشوائية في أرشفة الوثائق بات أمرا……..

– غياب أو عدم تدريب أو تأهيل العنصر البشري بات………

– ضياع الهدف الرئيسي وهو الاستثمار في بناء الانسان أولاً ……..

– عدم إعداد الاستراتيجيات الواقعية والمدروسة، غياب الشفافية، غياب الاستقلالية، الخلط بين العمل الخيري والنشاط السياسي، ضعف النشاط الإعلامي أو القصور في الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة، وأخيراً وليس أخراً تأخر أصحاب القرار والقادة في استخدام التكنولوجيا المتطورة في الإدارة لتحديثه وإحداث نقلات نوعية في هذا النوع من الأعمال وهو مشكلةٌ كبرى وأنه بات أمراً ملحاً الحديث عن كل ما سبق وبصوت عالٍ ومسموع.

إن من الوعي الواجب لدى صناع القرار في العمل الخيري في المجتمعات الإسلامية إدراك أنه بات ضرورةً ولزاماً عليهم أن يتحركوا سريعاً لحماية هذا النشاط الإسلامي البارز الذي يحتاج إلى تطوير وتحديث وترقية والبحث في كيفية ديمومته والعمل على استمراره وبكفاءة.

إن العارفين والمتخصصين في علوم الإدارة والاقتصاد يدركون تماماً أن الكم الهائل من البيانات ومحتويات هذه البيانات والأحداث التي يتم تسجيلها والتي يتم حفظها في قواعد بيانات هائلة وضخمة هو العنصر القادم بقوة لعلم إدارة الأعمال والاقتصاد، بل ربما كانوا متأكدين أنه من خلال التنقيب داخل هذه البيانات الضخمة للحصول على “المعلومة المعرفية ” والتي سوف تساعده كونها “الزبدة” سيكون القرار مدروساً وموثقاً ومفيداً وسريعاً.

إن النجاح في الوصول إلى المعلومة المطلوبة بسرعة وبموثقيه عالية والتي تكون ضرورية لاتخاذ قرار هام وعاجل، يتم ذلك من خلال البحث والتحليل والدراسة لقواعد البيانات التي تحتوي على جداول مختلفة المحتوى، والتي تمكنها أيضتً من إعداد التقارير والإحصائيات الموثقة منها، كما أن تعدد استخدام الطرق البحثية يسهل كثيراً من سرعة صناعة القرار، وهو يعتبر تحدياً صعباً وقاسياً وأحياناً يكون صعب المنال.

إن السعي لتحسين هذا النوع من الأعمال، وتطوير أساليبها، و إعادة برمجتها بشكل سلس، وإعادة دراستها بشكل متواصل وإعادة تقييمها وتنظيمها وإعادة ترتيبها وتدويرها ومراقبتها هو مفتاح “سر النجاح”.

إن المزج الفريد بين علوم الإدارة وعلوم الاقتصاد وعلوم الحاسب الآلي وأنظمة تقنية المعلومات الحديثة هو الطريق وهو المحور الرئيسي للتطور والتطوير والتحسين المتواصل والتغيير المستمر للأحسن في القادم من الأيام.

إذن ماهي أنظمة تخطيط الموارد؟

كيف تستخدم لتطوير الأعمال من خلال مكننة الإجراءات؟

كيف يتم استخدام الإجراءات الآلية؟

كيف يمكن التقليل من استخدام الورق في انجاز الأعمال؟

ماهي فرص النجاح التي توفرها هذه الأنظمة؟

هل يمكن لصانع القرار اتخاذ قراره في الوقت المناسب وبالكيفية المناسبة لو استخدمها اسلوباً لعمله؟

كيف يمكن أرشفة البيانات والوثائق من خلالها؟

كيف يمكن تطوير الأداء الوظيفي للعنصر البشري من خلال استخدامها؟

كيف يمكن وضع البرامج التدريبية لتأهيل العنصر البشري من خلالها؟

كيف يمكن رفع مستوى الوعي والثقافة للاهتمام بهذا النوع من الأعمال؟

“الحكمة ضالة المؤمن” والابداع في علم الإدارة والاقتصاد و التقنية والمعلومات ليست ضرباً من ضروب السحر وليس نتاجاً لصدفة بل أنه نتاج لأسس علمية وقواعد تُتبع ويتم تطويرها باستمرار وبكفاءة عالية، وفي السنوات العشر الأخيرة تغيرت العديد من المفاهيم والأساليب والأفكار والأُطر وأصبحت المشاركة بالفكر وإتاحة المعلومة من أهم قواعد النجاح والإبداع الإداري وأصبحت إدارة التغيير المستمرة هي المشكلة التي تؤرق أصحاب القرار والتي تحتاج دائماً للتصحيح والتعديل المتواصل، وأصبح الاعتماد على تقنية المعلومات والاتصالات من أحد أهم الركائز الهامة التي تنطلق منها الإدارة الحديثة، كما أن ثورة المعلومات والاتصالات أصبحت حالياً هي المرتكز الأساسي وقريباً جداً ستكون هي المهيمن الأوحد في إدارة التغيير بشكل حاسم وأصبح من المتاح جداً الآن توظيف المعلومات المتاحة من أجل تحقيق أهداف المنظمات والمؤسسات ، وقد تطورت فكرة توظيف المعلومات في علم الإدارة تطوراً كبيراً، هذا التوظيف أُستخدم على شكل تقارير وإحصائيات تعبر عن ما الذي حدث؟ ، ثم تطور الأمر إلى تحليل تلك التقارير والإحصائيات لمعرفة الأسباب وراء حدوث المتغيرات لماذا حدث؟. وانتقلت التقنيات بعملية توظيف المعلومات إلى مرحلة التنبؤ والاستقراء أي ما الذي سيحدث مستقبلاً؟، ثم تطورت إلى مرحلة الرؤية المجمعة للمعلومات والتأثيرات المختلفة للقرارات، ثم انتقلت إلى المرحلة الأكثر تقدماً وهي توظيف المعلومات من أجل تحقيق الأهداف أو ما الذي نريده أن يحدث؟.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سلمت يمناك فعلاً نحتاج “الفكر” لكي ننجح في السعي لتطوير واستمرار هذا المجال الواسع والفضاء الشاسع وهو “العمل الخيري” وياليت قومي يعلمون.
    مقالة رائعة وفي انتظار الجزء الثاني منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى