المقالات

لا تستفزوا خالة خيرية

 لن أعرّف بخالة “خيرية” فشهرتها تفوق شهرة رئيس تحرير صحيفة ورقية أمضى خمسة عقود من عمره في هذا المنصب، ومقاطعها الصوتية التي تنتقد فيها ما تراه يستحق النقد تنتشر بين الناس بسرعة الريح، فهذا هو الزمان الذي نعيش فيه، زمن مواقع التواصل الاجتماعي والردود السريعة للأفعال الشنيعة . ومقاطع خالة “خيرية” أو ما شابهها من المقاطع هي صورة من صور تعبير المواطن عن ردة فعله تجاه ما يستفزه أو يمس حياته سواءً كان هذا الاستفزاز صادر من مسؤول كبير أو صغير، أو ملياردير ذي مال وفير، أو عضو مجلس شورى بأحوال العالم خبير، وسيكون الرد حاضرًا وبقسوة وسينتشر بسرعة مذهلة، وسيبحث أصحاب الردود عن تاريخ المستفز وهناته وأحواله الشخصية وتفاصيل حياته ولن يتركوا شاردة أو واردة إلا ووظفوها في ردودهم، وعذرهم ( العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم). مواطنونا يحبون بلادهم ويتفهمون الظروف التي تمر بها دولتهم ويقدرون الأخطار التي تواجهها، وعلاقتهم بحكامهم علاقة الابن البار بالوالد الحنون، لكن أن يأتي من يتهكم بهم ويتراقص على جراحهم ويحاول أن يفسد هذه العلاقة ويصف شعب طيب كريم بالدلع، والمتدلعون هو وزمرته من الطبقة المخملية أصحاب الأرصدة الخيالية؛ فعليه أن يتحمل ردود أفعالهم، وخالة “خيرية” وغيرها له ولأمثاله بالمرصاد .

وإذ يخرج علينا عضو مجلس شورى بكل صفاقة داعيا لرفع أسعار مواد يحتاجها كل مواطن ويرى من برجه العاجي أن الزيادة بسيطة في حين يراها غيره من فقراء المواطنين أنها مؤثرة، وتمس حياتهم وقد تقبلوها برحابة صدر؛ لأنها جاءت من والدهم الذي يتأذى مما يتأذى منه أبناؤه ولن يألوا جهدًا في التخفيف عنهم والعمل على رفاهيتهم وراحتهم، فليتلقى عضو مجلس الشورى الخبير وعده، وليتحمل نتائج استفزازه “وعلى نفسها جنت براقش”. وأن يتباهى ثري من الأثرياء في أحد المقاطع بغسل أيدي ضيوفه بدهن العود دون مراعاة لمشاعر الفقراء الذين يتعطرون “بالفكس وأبو فاس”؛ فليتقبل أن يتداول الناس مقطعه وقد أتبعوه بدعاء (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ).

وأن يخرج علينا البعض بمقاطع صب السمن على المفطحات، ووضع الزبد على أسنام الحواشي تباهيًا وتفاخرًا، و يعتبرونه إكرامًا لضيوفهم وتصويره ونشره من باب التباهي والتفاخر أمام الملأ، فلا ينزعجوا إذا لاحقتهم اللعنات وأصابتهم الدعوات فما أصابنا من عجز في موازنتنا هم أسبابه، وليعلموا أن أفعالهم اللا مسؤولة وتباهيهم وبطرهم هي رأس ما سيعمنا من بلاء لا قدر الله .

معاشر الأثرياء والمسؤولين رفقًا بإخوانكم المواطنين الذين لم ينافسوكم في الأموال ولا في المناصب؛ فإن لم تعينوهم وترقّوا لأحوالهم، فلا تحرضوا عليهم ولا تسفهوا أحلامهم ولاتتراقصوا على آلامهم ولا تستفزوهم بما آتاكم الله من ثراء وجاه، فأصحاب البطون الخاوية لهم أصوات عالية .

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. (معاشر الأثرياء والمسؤولين رفقًا بإخوانكم المواطنين الذين لم ينافسوكم في الأموال ولا في المناصب؛ فإن لم تعينوهم وترقّوا لأحوالهم، فلا تحرضوا عليهم ولا تسفهوا أحلامهم ولاتتراقصوا على آلامهم ولا تستفزوهم بما آتاكم الله من ثراء وجاه، فأصحاب البطون الخاوية لهم أصوات عالية..!)
    كلام جميل أعجبني في مقالك أبا عبدالله..
    يشارككم الرأي الكثيرون..

  2. الله يكثر من مثل خالة خيرية في البلد عشان تلجم كل متطاول ومغرور

  3. يقول الشاعر : قل احيب يقرأ ومين يسمع كلامي. الطبقة الغنية من الشعب لا ت لى اي احساس او اي تعاطف على الفقراء متمسكين بالمثل : الشبعان مايفت للجيعان. ولأن قلوبهم وانفسهم غارقة في ملذات وبهرجة الحياة الدنيا انستهم الشعور بالتعاطف وبلدت انفسهم. نسوا ان هناك حفرة في الارض تجمع اجساد الاغنياء والفقراء ورب واحد يحاسل الجنيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى