قد يستغني الإنسانُ مكرهًا عن عضو أبتلي فيه بمرض، وقد تنتهي علاقة بين متحابينَ لأمر ما، وقد يكره المرءُ خليلًا لخُلّةٍ قبيحة أو صفة ذميمة، ولكن الأعجب كيف تصبرُ على جار سوء يضمر لك العداء، ويفتك بأهلك، ويتعرّض لعرضك، هذا الذي لا يطاق . الجارة إيران منذ أن اتخذها الغرب خنجرًا دائم الوخز في خاصرة العرب حتى اليوم، وهي تمارس دور الشرطي في الخليج، فأطيح بالشاه ” محمد رضا بهلوي”، وجاء الأسوأ الذي قلب كيان إيران رأسًا على عقب، جاء الخميني على طائرة غربية فرنسية، وحطت به في إيران كزعيم جاء لتنفيذ أجندة كلف بها، فرحبت بعض الدول العربية على مضض وحذر شديدين، فكشّر البغيض عن أنياب متعطشة لسفك الدماء، فبدأ يفتك بأهل السنّة، فنصب المشانق والرافعات، وأطلق يده في أرض الله لا للعمارة وإنما للهدم والتدمير، كل ذلك والعالم أصم أبكم، فأحب نظام الملالي أن يستفز أسد العراق ” صدام حسين “، فجاءه الرد قاسيًا، ودخلت القوات العراقية واحتلت أجزاء من الأراضي الإيرانية، طبعًا الغرب يغتبط بهذه النزاعات لعدة أسباب منها: ضرب وحدة المسلمين، واستنزاف ثرواتهم، وملء خزائنه من أموال المسلمين نتيجة بيعه للسلاح . استمر العراك العراقي الإيراني ثمان سنوات عجاف على الطرفين، وخرجوا منهكين، واستمر العداء الإيراني للخليج – لاسيما السعودية- في مواسم الحج التي هي أشهر حرم، عظّمتها الجاهلية قبل الإسلام ، فسفكوا الدماء المعصومة في حرم الله دونما مواربة، كل ذلك والعالم يتفرّج بصمت مقيت، أخذت المملكة على عاتقها حماية الحجيج، والمعتمرين، وتأمين كافة احتياجاتهم، ابتغاء رضا الله، كل ذلك والمملكة تستخدم ضبط النفس، وعدم الانجرار خلف سياسات صبيانية عدوانية غير مسؤولة، فزاد حنق الإيرانيين، فراحوا يخططون من أين يأتون للمملكة، فذهبوا شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، وعندما أطيح بصدام كان الدور الأساسي للرافضة، الذين جاءوا على الدبابات الأمريكية، فأعملوا السيف في أهل السنة في العراق وهتكوا الأعراض وسجنوا وسحلوا ولم يتركوا شيئًا من أدوات التدمير والخراب إلّا واستخدموها، حتى جاء ما يسمى بالربيع العربي – وهو في الحقيقة التخريب العربي- فوجدت إيران ضالتها المنشودة، فأوعزت لأذنابها المجوس في البحرين بحلول ساعة الصفر ، فتحرّك الرافضة وكادت البحرين أن تذهب، فتحركت قوّات درع الجزيرة لنجدة الأشقاء وكان النصر ، ففشل مشروع المجوس الأول ، ثم جاءت الثورة السورية فوقفت جنبًا إلى جنب مع النظام النصيري البغيض الضال، فأذاقوا أهل السنة هناك أعتى الويلات وأقواها، كل ذلك والعالم يتفرّج ولا مجيب، ثم استنجدوا بحزب اللات الشيطاني فأجاب مسرعًا وترك الصهاينة الذين لا يبعدون عنه سوى أميال قليلة، وكذلك جحافل الشّر من أقطار الأرض من مشرك وملحد وشيوعي جاءوا لقتل أهل السنّة ﴿ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾. ولم يكتفِ الفارسي البغيض بما ولغه من دماء الأحرار في الشام والعراق؛ بل ذهب اليمن، ووجد من الخونة ناكري الجميل من يرحب به، فبدأ في مخطط مشين ﴿فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ﴾ فعصف بهم سلمان الحزم والعزة والشموخ في ليل بهيم، فتناثرت أشلاؤهم وكذلك أحلامهم . والمملكة تطبق الشريعة الإسلامية لتستقيم الحياة وتستمر، ولكن ذلك لا يعجب أعداء الله ﴿ وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ فصالوا وجالوا في هيئاتهم المكذوبة للتنديد بسياسة المملكة الشرعية في تنفيذ الأحكام، والمملكة ثابتة الجأش، لا تأخذها في تنفيذ أحكام الله وشرعه لومة لائم . وهذا حق تمارسه الدوله على أرضها ، فالمواطن والمقيم على تراب المملكة عليهم التقيد بأنظمتها وفق التشريع العالمي، وإيران المجوسية لا يهمها لو قُتِلَ شيعة العالم كله، ولكنها نصّبَتْ نفسها زعيمة للروافض المبتدعة، فكذبت وكذبت حتى صدقها سفهاء الروافض وتوابعهم، فأوعزت لأذنابها على تراب دولة ذات سيادة علنًا للانتقاص من حكامها والدعوة للتخريب والتظاهر، ففعلوا وقتلوا رجال الأمن الذين يسهرون حتى ينتهي الرافضي من طقوسه الشركية، وكان زعيمهم المدعو “نمر النمر” يتزعم التطبيل لإيران فحذره ولاة الأمر مرارًا وتكرارًا وكذلك رجال الأمن ولم يرتدع، فقبض عليه وحكم بالقصاص، فتعالت أصوات الديكة من إيران بالتنديد وهاجموا السفارة في منظر وحشي أقرب للحيواني – أكرمكم الله – وكذلك بعض المنظمات المنافقة، يا سبحان الله القصاص من رجل مفسد يضج العالم له، وهناك في سوريا قتل ما يقارب نصف مليون أعزل بينهم أطفال ونساء والعالم لا مجيب، سبحان الله﴿ كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون﴾، تم تنفيذ الحكم في سبعة وأربعين رجلًا سُلّط الضوء على واحد فقط ماذا يعني هذا ؟! إزدواجية في المواقف أم حقد دفين على معقل الإسلام أم ماذا ؟أين العالم عن المحارق التي عملت في العراق ومطار بغداد؟ أين الضمائر الحية والمنظمات الأوروبية التي تتشدق بالديموقراطية من مجازر البوسنة والهرسك ؟ أين النفوس النقية عن مجازر فرنسا في الجزائر ؟ أين وأين وأين ؟؟ الطريق طويل من الاستفهامات . أما بالنسبة للهجوم على السفارة السعودية فهو مدان ولا شك، ولكن ليكن في علم الرافضة أن السفارة هي من أجلهم، فأهل السنة من السعودية موقفهم من عبادة القبور والتبرك بها معروف، ولا يسافرون لإيران البتة، يعني السفارة تهم الروافض أكثر، الأمر الثاني والمهم: رأينا تكسير للسفارة والعبث بمحتوياتها ونقول لهم : هذه بيوتكم اعملوا فيها ما شئتم كسروا خربوا اعبثوا لا يهمنا إلّا نظر العالم لكم . ونتيجة لتلك الحماقات صدرت أوامر كريمة بقطع العلاقة المهترئة مع النظام المجرم الخبيث ولله الحمد والمنّة. قال الأعشى في معلقته: ألَسْتَ مُنْتَهِيًا عَنْ نَحْتِ أَثْلَتِنا وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أَطَّتِ الإبِلُ كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْمًا ليوهنها فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ
قال الأعشى في معلقته:
ألَسْتَ مُنْتَهِيًا عَنْ نَحْتِ أَثْلَتِنا
وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أَطَّتِ الإبِلُ
كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْمًا ليوهنها
فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ