المقالات

الباسيج.. قمع لمطالب الشعب وحرب بالوكالة في مناطق الصراع

يتردد كثيرًا مصطلح “الباسيج” سواء في وسائل الإعلام أو على ألسنة المحللين السياسيين العسكريين، ما يفرض تسليط الضوء على هذه الميليشيا الإيرانيّة وخلفيّاتها الدينيّة وآليّة تأسيسها ومهام عملها للوقوف على دورها الرئيس داخل المجتمع الإيراني من جهة، وفي مناطق الصراع من جهة أخرى. ميليشيا الباسيج هي قوة شبه عسكريّة قائمة على مبدأ التطوّع العسكري، تأسست عام 1979 في مرحلة الثورة الإيرانية التي قادها الهالك آية الله الخميني، وكان الغرض الرئيس من تأسيسها آنذاك المشاركة في الحرب الدائرة بين إيران والعراق؛ حيث تتألف من الشباب الإيراني المتحمّس للقوميّة الفارسيّة والطامح لتحقيق تطلعات الولي الفقيه أو كما يدعى قائد الثورة. ويرتكز عمل ميليشيا الباسيج في الداخل الإيراني على قمع المظاهرات الشعبيّة المطالبة بتنفيذ العدالة، وإيقاف الظلم الذي يعاني منه الشعب في ظل ارتفاع معدلات الفقر وغلاء الأسعار وتزايد أعداد البطالة لدى شريحة الشباب، وتساهم كذلك في تنظيم الاحتفالات الدينيّة ويحظى أفرادها بذات المزايا الحكوميّة المخصصة للعسكريين. وتتلقى ميليشيا الباسيج الأوامر من الحرس الثوري الإيراني والمرشد الأعلى الحالي خامنئي لما يدينون له من ولاء منقطع النظير، فهي جماعة يسيطر عليها رجال الدين في إيران ولا يملكون أي استقلالية في اتخاذ القرار، وتستخدمهم السلطة للتملّص من المسؤوليّة، والادعاء بأن ما يفعلونه يمثل وجهة نظر الشارع الإيراني كما حدث في الاعتداء الآثم على السفارة السعودية وقنصليتها مؤخرًا؛ ما دفع المملكة إلى قطع العلاقات الدبلوماسيّة مع الدولة الفارسية. وتستقبل ميليشيا الباسيج الفئة العمريّة التي تتراوح فيما بين 18 عامًا حتى 45 عامًا بما فيهم النساء، وكانت في بادئ الأمر تُشكل قوة الدفاع المدني ثم تحولت إلى منظمة استخباراتيّة تعمل لصالح المرشد الأعلى وتسعى للحفاظ على هيمنته وسلطته داخل المجتمع الإيراني، كما يعملون على تعبئة الشعب في الحروب عبر زيارة المدارس وأماكن التجمعات لكسب تعاطفهم في المعارك التي تخوضها حكومة طهران بهدف الحصول على الدعم الشعبي، وغالبًا ما تتضمن عمليّات التعبئة غسل أدمغة العامة والأكاذيب المضللة التي تخدم توجهات الولي الفقيه. وفي عام 2000م انبثق من ميليشيا الباسيج ما يسمى “كتائب عاشوراء” وأوكلت الحكومة إليها مهمة مكافحة الشغب الشعبي، ونشطت مؤخرًا في قمع المظاهرات الطلابيّة في إيران، ويصف بعض السياسيين الإيرانيين ميليشيا حزب الله بأنها تابعة للباسيج بعد التنظيم الأخير الذي جرى عام 2005م، كما أدرجت الميليشيا ضمن القوات البرية للحرس الثوري عام 2008م. وأثبتت تقارير استخباراتيّة تورّط الباسيج في الأزمة السوريّة ووقوفها إلى جانب نظام الأسد الدموي منذ عام 2011م، حيث جرى استخدام الميليشيا كقوة للحرب بالوكالة عن الحكومة الإيرانيّة الطامحة إلى التوسع واستعادة الإمبراطورية الفارسيّة، وتعامل جنبًا إلى جنب مع ميليشيا حزب الله اللبناني وكذلك الحرس الثوري الإيراني. وتضم ميليشيا الباسيج ثلاث فئات، أولها الأعضاء العاديين العاملين في تعبئة المجتمع أثناء الحروب، والمساهمة في الأنشطة التنموية في مراحل السلم، وثانيها الأعضاء النشطين الذين لديهم التلقين الإيديولوجي والسياسي وعادة ما يجري الاستفادة منهم في فض المظاهرات الطلابيّة والمطالبات الإصلاحيّة الشعبية، وثالثها الأعضاء الخاصين وهم من يتدربون كمتطوعين مع الحرس الثوري الإيراني ويساندونهم في التدخلات البرية داخل مناطق الصراع. أخيرًا، تجدر الإشارة إلى أن ميليشيا الباسيج يشكلون ما نسبته 20 بالمائة من سكان إيران، ويقدر عددهم حاليًا بـ 13 مليون متطوّع، ويبلغ عدد النساء داخل الميليشيا 5 ملايين امرأة، و4.7 ملايين طفل لا يزالون في مرحلة الدراسة، وتقدر أعداد الأعضاء الفاعلين داخل الباسيج بـ 90 ألف مقاتل، بالإضافة إلى مجموعة احتياطيّة تبلغ 300 ألف فرد، إلى جانب مليون شخص بالإمكان تجهيزهم وقت الأزمات.

ياسر صالح البهيجان

ماجستير في النقد والنظرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى