من الأمثال العربية والمتداولة: “ما حك جلدك مثل ظفرك فتولى أنت كل أمرك” إنه مثل بسيط الكلمات عميق المعنى والمضمون الذي نلمسه في جميع شؤون حياتنا العامة والخاصة، وسأتناوله في جانب الصحة ومستشفياتنا الأهلية والعيادات الخاصة، التي من وجهة نظري المتواضعة لا تخضع لمعايير السعودة بالنسبة المطلوبة والمقررة على غيرها من المؤسسات أو الشركات الخدمية الأخرى، وسيبدو ذلك واضحًا بزيارة خاطفة لأي من المنشآت الصحية الأهلية والمنتشرة في جميع أحياء المنطقة، حينها لن تفاجأ بقائمة أسماء الأطباء والطبيبات المتصدرة لوحة الإعلانات، فجميعهم من الوافدين وأصدق القول إن أجزمت بأن مديرهم بنفس مواصفاتهم..!، ولأكن منصفًا فبعض موظفي وموظفات استقبالهم تشملهم السعودة، ولهؤلاء الوافدين الشكر والاحترام فقد كان لهم الدور الإيجابي في الخدمات الصحية في المملكة والتاريخ لا ينسى ذلك، ولكن آن الأوان لنقول لهم شكرًا، وإن بلادكم في حاجتكم ومن حق أطباؤنا وطبيباتنا أن يهنئوا بتلك الوظيفة صعودًا إلى قوله تعالى: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾، وبالعودة لما طالعتنا به صحفنا المحلية من شكاوى وقضايا على هؤلاء وغيرهم من الأخطاء الطبية التي كثر الحديث عنها ولسنوات عديدة، وأستشهد بما أوضحه مدير إدارة شؤون القطاع الصحي الخاص بصحة جدة على إحدى الصحف المحلية ليوم الاثنين غرة ربيع الآخر بتلقي إدارته 77 شكوى ضد بعض المنشآت الصحية الخاصة خلال “الربع الأول” للعام الجاري، إضافة إلى ما أورده الناطق الإعلامي بصحة محافظة الطائف، بأن بلغ مجمل الغرامات بحق من لم يلتزموا بالمعايير والاشتراطات الصحية 274 ألف ريال؛ إضافة إلى خطابات الإنذار الرادعة، بما يذكرنا بتلك الشهادات العلمية المزورة أو الوهمية التي دفعت وزارة الصحة إلى إلزامهم بعرض وثائقهم الثبوتية على الهيئة السعودية للتخصصات الطبية للتأكد من صلاحيتها، وإن كان القرار صائباً رغم تأخره، ولكنه أثمر في تكشف الكثير من الحقائق والتجاوزات في العديد من التخصصات التي كان يمارسها “أطباء” لا يملكون من أبجديات المهنة إلا روشيتات علاجية متكررة بعضها مسكنات ومضادات، والحديث يطول عن عيادات الأسنان التي أصبحت وأمست تضاهي عدد البقالات وبكل أسف يشغل مجملها وافدون أيضًا، بما يلفت نظرنا إلى الدور المأمول في عيادات الأسنان في مستشفياتنا وطابور الانتظار الممل والمنتهي “بخلع وتنظيف وحشو” أما غير ذلك من تركيبات وخلافه أحيل جوابه لمسؤولي الصحة..! ، وفي أحد الأيام حاورت طبيبًا سعوديًّا لمست فيه نبوغه وعشقه للمهنة فسألته تطفلًا : لماذا لا تعمل أيضًا في الفترة المسائية بالمستشفيات أو العيادات الخاصة؛ لتساهم في الارتقاء بالصحة في الوطن الذي له حق عليك ولتحسين دخلك الشهري لمواجهة متطلباتك العائلية، وقد فاجأني بعبارة “ممنوع ” عليهم ممارسة المهنة خارج نطاق مستشفيات وزارة الصحة، وهنا يبطل العجب ويستمر مسرح الأخطاء الطبية المنتهية بسفر الطبيب الوافد ومغادرته إلى بلاده قبل خضوعه للتحقيق، بما يذكرنا بالمثل الذي بدأت به مردفًا القول بما أثبتته المحافل المحلية والعالمية: بأن وطننا يحوي بين جنباته كوادر طبية نابغة درست واجتهدت في جامعاتنا وكلياتنا الطبية التي تسخر لها قيادتنا السعودية الحكيمة كل الإمكانيات، إضافة إلى تتلمذ بعضهم مبتعثًا في الدول المتقدمة، ولكنهم يتأملون في تنفيذ الأمر الملكي رقم”1879/ب لعام 1427 للسماح لهم بالعمل في المستشفيات الأهلية والعيادات الخاصة ليشغلوا أوقات فراغهم بما ينفع الوطن، مع ضمانة عدم التقصير بعملهم في المنشآت الصحية الحكومية، وفي ذلك تنمية لخبراتهم المهنية واتساع أفقهم العلمي إضافة إلى ردهم لبعض جميل الوطن، غير متناسين إن القطاع الخاص شريك أساسي في تقديم الخدمات الصحية، لا سيما وما تشهده المستشفيات الحكومية من ازدحام شديد نتج عنه تكرار عبارة (عدم وجود سرير)، إضافة إلى أن وقت الأطباء خارج الدوام من حقهم وليس من حق أي أحد آخر شريطة عدم الإخلال بعمله الرسمي، ومن الممكن متابعة المقصر منهم ومحاسبته باللوائح والأنظمة المعلنة، وبذلك نكون قد حافظنا على كوادرنا الطبية من التسرب والاستقالات التي تجتذبها إغراءات وعروض مادية وبدلات القطاع الصحي الخاص في المملكة وخارجها.
وأختم القول بسؤال للمشرفين على القطاع الصحي الخاص: هل تمارسون دوركم الرقابي الميداني في ظل الكثافة المهولة للمنشآت الصحية الخاصة ؟ وهنا وعبر صحيفة “مكة” أقترح على وزارة الصحة الاستفادة من تجربة وزارة التعليم والمدارس الأهلية، وذلك بإلزام المنشآت الصحية الخاصة بتعيين مدرائها من السعوديين ذوي الخبرة، مع إمكانية مساهمة وزارة الصحة بنسبة محددة لرواتبهم الشهرية، وفي ذلك ضمانة لتقديم خدمات صحية أفضل.
اقتراح في محله ونتمنى تجاوب الوزارة معه