ذكرى البيعة، أو ما يسمى بيوم الجلوس، في هذه البلاد المباركة كانت وما زالت لها قيمة خاصة، مستمدة من قوة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وما تحدثه من أثر في تعميق المعاني الدقيقة للبيعة التي في عنق الشعب إزاء الملك المفدى. يوم الأربعاء الماضي كان فرصة جميلة للشعب السعودي لتجديد البيعة لولي أمره، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- بمناسبة يوم الجلوس، وأخذتني المناسبة يومها إلى مثل هذا الشهر، بالتقويم الهجري والميلادي معا، قبل 66 سنة، وتحديدًا: 13 ربيع الآخر عام 1371، الموافق: 11 يناير عام 1952، يوم الخطاب الخالد بمناسبة الذكرى الخمسين لجلوس الوالد المؤسس والموحد، جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- طيب الله ثراه- الذي ألقاه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالعزيز ولي العهد آنذاك، ألتقط منه مما يناسب مرحلتنا هذه قوله -رحمه الله-: “.. إنَّا، إذ نلقي في هذا اليوم الميمون، نظرة عامة إلى العالم، الذي نعيش فيه، وهو يتخبط في بحر خضم من المشاكل السياسية، والمعضلات الاجتماعية، وضيق العيش، والفكر، إذا ما عدنا إلى أسبابها وبواعثها، لا نجد إلا أنه نتائج ملموسة للتخلي عن كثير من المبادئ الصحيحة التي جاء بها ديننا الحنيف، والأخلاق المحمدية السامية..”. ما أشبه الليلة -كما يقولون- بالبارحة، مشكلات ومعضلات العالم المحيط بنا تتجدد، وبطرق مختلفة، والعام الماضي بالخصوص، كان علامة فارقة من علامات وصول التحديات المحلية، والخارجية في آن مشترك إلى الحد غير المتوقع عند كثير من الناس.
لعل أبرز مفردات العام الأول لتولي قائد المرحلة، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -رعاه الله تعالى- هي: (التجديد والحزم)، أو كما سمته صحيفة الوطن (القوة والتحديث)ـ؛ أراد الله تعالى للملك سلمان أن يكون في قلب الحدث، وفي صناعته، فعلى المستوى الداخلي القرارات والتوجيهات والتجديدات كانت وما زالت غير غائبة عن التطلعات، بل لا أبالغ إن قلت إنها كانت بمثابة “رجع الصدى” لكل الرغبات، وبسرعة فاقت التوقعات، فشعر القاصي والداني بأن الخبرات الكبيرة التي يتمتع بها الملك سلمان، وقربه من الأحداث رتبت البيت السعودي، وجعلته أكثر قوة وصلابة في مواصلة مشوار التحديات الصعبة، والمتمثل أبرزها في الانخفاض المتوالي لأسعار النفط، واضطرابات الأسواق العالمية. وعلى المستوى الخارجي فالأوضاع تسارعت، حتى باتت تبحث عن منقذ حازم، فوجدته في شخص الملك سلمان، الذي قضى الله -سبحانه- له أن يكون الربان لسفينة تبحر وسط أمواج عاتية، والأمل في الله كبير أن يعبر بها سريعا إلى شاطئ الخلاص من همومها وغمومها، بحزمه، وعزمه، ومعاونة الصادقين من الزعماء. العام القادم يستحق منا الدعاء لله تعالى بأن يدخله ملكنا سلمان، متمتعًا بصحة وافرة، ونشاط مرموق، وهمة عالية، من أجل تحقيق أهداف شعبه، ورفع كلمتهم، وخدمة العالمين العربي والإسلامي، ودفع المظالم عنهم، إنه بالإجابة جدير.