عبدالرحمن الأحمدي

التَّطرُّف..والشَّيخ حيران

لا جديدَ في أوهام الشيخ حيران والحيارى من حوله، ولا مرجو في عالمهم فهو عالَم من التَّناقضات، وهذا عهدُ ما قبلهم، وعهدُ مابعدهم في رحيب المتناقضات، وإذا ابتُليتَ مثلَهم، وتأثرتَ فرضا بفهمهم – لأن للقلب تغيُّرات ما بين طرفة عين وانتباهتها – فاللَّهم الثَباتَ الثَّباتَ- أو حتَّى أردت السَّير على سُقْم فكرهم، وأثرِ خُطاهم، فلا تخف ولا تقلق، ولا عليك سوى اتِّباع خارطة طريق أساتذتهم القدماء: فمنهم من رحل تحت الثَّرى .. ومنهم من مسَّه الأسى .. ومنهم من يُناضل في طريق السَّراب .. ومنهم ما يزال يُناهض في فلكه البعيد، وبرجه العالي .. ومنهم من عاد إلى رشده .. وأكثرهم لايدركون، ولا يعلمون أنهم لا يعلمون! عمومًا حتَّى وإن خطر لك وأردت أن تُسايرَهم في غيابهم، وتكتوي من بعض عذابهم فلا عليك، فالأمر يسير بتفاهة المحتوى..وسخافة المكتوب .. ورداءة المنطق .. وخواء المضمون.. وعلى طريقة هذه العبارات الحائرة التَّائهة بتيه ضمائرهم من: تحرير المرأة .. وقيادة المرأة .. ودخول وخروج المرأة .. واختلاط المرأة .. أشغلتهم المرأة .. وأشعلت عقولهم .. وأخذت جلَّ تفكيرهم، وجدير وقتهم .. وكأنَّ هذا الوجهَ الأوَّلَ والأخيرَ للمرأة. أما تلك الوجوه للمرأة ذاتّ المآسي الحقيقية من عَوَز .. وفقر .. وحاجة .. وشدَّة .. شبه امرأة على ما يبدو لهم، أو امرأة بصورة رجل، ومن الآخر هذه المرأة لا حاجة لهم فيها. وحاوِل ابتداءً إن أحببتَ البرستيج الخارجي الظُّهور بقدر المستطاع وكأنَّك بهيئة توحِى للآخرين بأنَّك إنسانٌ مطَّلِعٌ وفريدٌ، وأنَّك المثقَّف الوحيد، بل وكأنَّك من مجتمع آخر غير هذا المجتمع المتأخِّر الذي ابتُليت فيه، واظْهَر وكأنَّك فاهمٌ ماصعُب على الآخرين فهمه، وعارف ماتعسر عليهم معرفته، ولا مانع – عندئذٍ – من رَشْف الشَّاي أو القهوة باليد الشِّمال، وشرب الماء أيضًا باليد نفسها، لا شُلَّت يمينُك، ومن ثم وعلى ما أوتيتَ من مقدرة في التَّلاعب بالألفاظ، واستخدام كلمات شكلِ ظاهرِها حسن وباطنها كريه من حيث: الافتراء والدَّجل والتَّزييف، وعبارات مستهلكة منها ولاحصر لها:التَّطرُّف..والتَّخلُّف..والرَّجعيَّة.. والتَّنوير .. والتَّقدُّميَّة .. وما زيَّن الشَّيطان من سوء عمل، والبحث عن السَّقطات غير المتعمَّدة بين المؤلَّفات والكتابات وبين الآراء.. للأفاضل والمحترمين، وكأنَّ هؤلاء ليسوا من البشر فمَن منا لا يُخطئ ويسهو ويتعثَّر..؟ فسبحان الله كأنَّ هذا الحيران، وغيرَه من الحيارى يلتقون مع غيرهم من المتطرِّفين الخوارج في نسبة وُجودهم بيننا، وهم وهذا من فضل الله علينا – وإن كانوا ابتلاء- فلنا الأجر فيهم بعد الصبر، وهم بالإجمال وعلى غير المؤكَّد عشر المجتمع، والعشر كثير، وأظنُّهم أدنى من ذلك، وهذا مايبدو حقيقة، ولم يُذكر أن ما عكَّر صفو المجتمع وصفوفه، وعلى مرِّ التاريخ الداخلي، مثل: مشكلة التَّطرُّف الفكري المتعالي .. والتَّطرُّف الدِّينيِّ البغيض .. فكلاهما إزعاجٌ في إزعاج، فالفريق الأوَّل هراء في هراء .. وغواية في غواية .. والفريق الثَّاني ضلال في ضلال، وفرقة في فرقة، نطلب العون من الله، فما أجمل الوسط والوسطيَّة، في وطن معظم شعبه وسطيٌّ ويعرف الوسطيَّة. حينما تُقذف مناير من نور، ومنابر من حقٍّ لأقلام ناصعة صادقة تحب دينَها..وإمامَها.. ووطنَها..بعبارات خاوية..خانقة..فارغة، فهي لا تدل إلَّا على جَرح قديم في عمق نفس صاحبها..مع أهل خير أمة..كان ومازال ومايزال قصدهم الصَّفا والجمال والحق والحقيقة، وكان الحقد والكره في جوف قلبه، بعد أن طُبع قبح عمله في ثنياء قوله وملامح تصرفه، وكان الموقف الشَّخصي العابر بداية للكلام الآثم، والفعل الأثيم، فاختلط الحابل بالنابل لديه، وليته توقَّف بل تعداه إلى شريعة المولى -عزَّ وجلَّ- الموجهة إلى العالمين، ألاليته يعي ويفهم ويستفيد من منحة المعطي في أيام العمر المتبقية هو وغيره، فأيامنا في هذه الدنيا محدودة معلومة، وما بقي أقلّ مما ذهب ياشيخ حيران.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. الله عليك يا أبا محمد كلام في منتصف الجبهة للشيخ حيران وكل من لف لفه واعتمر قبعته الصلعاء التي تخلو من المنطق والعقل والفهم والأخلاق والقيم والمبادئ.
    زادك الله فهماً وعلماً وأنار بصيرتك وللإمام سرررر يا ابن العم ونحن خلفك

  2. مقالك رائع جدا أستاذي العزيز.
    نحمد الله أن ليس لأصواتهم صدى يذكر في مجتمعنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى